من لندن الى بغداد – محمد مهدي الجواهري
حياكَ ربُّكَ من ساعٍ بسراءِ … يلقى الوفودَ بوجهٍ منهُ وضّاءِ
فاضت أساريرهُ بشراً فما وَقَعَتْ … منهُ العيونُ على كَدٍّ وإعياء
لله يومُك مشهوداً بِروَعْته … تهزّ داني بلادِ اللهِ والنائي
في محفلٍ حجَبَ الأبصارَ موكبُهُ … فليس يحسُدُ الا الناظرَ الرائي
هذي الوفودُ وفودُ الشعبِ حاملةً … إليك إخلاصَ آباءٍ وأبناء
هابُوا جلالتَك العُليا فما نَطَقُوا … حَرْفاً ولا سَلَّموا إلا بايماء
للنَصرِ فوقَك أقواسٌ نوافذُها … ترمي سويداءَ حُسادٍ وأعداء
بغداد مثل قلوب المخلصين لكم … تُزهَى بشُعلة أنوارٍ وأضواء
أنت الطبيبُ لشعبي والدواءُ له … وأنت شَخَّصت منه موضعَ الداء
يدٌ من اللطف غراءٌ ولا عجبٌ … كم من يدٍ لكَ قد أسلفتَ غراء
كم موقفٍ مثلِ حدِّ السيف ذي زلق … فَرَجْتَهُ بين إصباحٍ وإمساء
أذيّةٌ في جهاد نِلتَها طرباً … وهل جهادٌ بلا مسٍّ وإيذاء
في ذمةِ اللهِ ما لاقيتَ من نَفَرٍ … من الأجانب عُبّادٍ لأهواء
الله يُخزي مهازيلاً ضمائرهُم … مأجورة بين إطراء وإزراء
يسوؤهم أن تُرى في زِيِّ مضطلع … بثِقل شعب لما يُصميه أبّاء
لو يقدرون أدالوا كلَّ ظاهرةٍ … وبّدلوا كلَّ نعماءٍ بغماء
هزُّوا العراق بما اسطاعوا فما أخذت … منه تَضارب انباء بأنباء
كانوا وما أمّلوا من زُخْرُفٍ سفهاً … كمن يَخُطّ الذي يهوي على الماء
مررتَ باللغو مرّ الهازئين به … بأُذْنِ حُرٍّ عن الفحشاء صمّاء
حراجة بالكريم الحر موقفُه … حيران ما بين قومٍ غيرِ أكْفاء
إنْ يهمزوك بإرجافٍ فقد بُليتْ … كلُّ الشعوبِ بهمّازٍ ومشّاء
هوِّن فما قام هدّامٌ بمعوله … إّلا وقام عليه ألْفُ بنّاء
يأبى شعوريَ أن يلقاك عن كثب … إّلا بقافيةٍ تأتيك غراء
ومَرْحَباً بك في طياتها نَفَسٌ … كنسمةِ الفجرِ قد طُلّت بانداء