مر في بالنا فأحيانا – جبران خليل جبران
مر في بالنا فأحيانا … كيف لو زارنا وحيانا
رشأ والنفار شيمته … لا لشيء يصد أحيانا
قد سلا عهده ونحن على … عهدنا لا نطيق سلوانا
نحن أهل الهوى نضام ولا … نسأل العدل من تولانا
آمرات العيون تأمرنا … ونواهي الخصور تنهانا
يعذب الطعن في جوانحنا … إذ تكون القدود مرانا
ونبيح السيوف أكبدنا … إذ تكون الجفون أجفانا
ما لنا غير تلك رائعة … في زمان العزيز ملاونا
في زمان به البلاد غدت … روض أمن أغن ريانا
أمرها في يد الرشيد هدى … وابن عبد العزيز إحسانا
ملك سابق الملوك إذا … كانت المحمدات ميدانا
ماليء من جميل قدوته … كل قلب رضى وإيمانا
يبصر الغيب من فراسته … ويعيد العصي قد دانا
آية الحلم في سياسته … أن يرد المسيء معوانا
كل شأن للدهر جاز به … زاده في علائه شانا
من كعباس في تفرده … عز نصرا وجل سلطانا
عيدت مصر عيده فجلت … صورا للسعود ألوانا
وتلا الثغر تلوها فعدا … شأوها بهجة وإتقانا
سطعت في الدجى زواهره … تتراءى في اليم غرانا
فإذا بحره وشاطئه … جسم نور أغار كيوانا
أهل إسكندرية شرفا … هكذا البر أو فلا كانا
قد عهدت الخلوص شيمتكم … وكعهدي شهدته الانا
راعني صدقه فخيل لي … أن عين العزيز ترعانا
كلما مرت السنون بكم … زدتمونا عليه برهانا
إن شعبا هذي حميته … لم يضع حقه ولا هانا
دام عباس للحمى أسدا … ولعين الزمان إنسانا
ولديم ذلك الولاء فكم … صان ملكا وسر أوطانا