محا قدومكَ عنا الرعبَ والعدما – ابن سهل الأندلسي

محا قدومكَ عنا الرعبَ والعدما … و نورَ الفاحمينِ : الظلمَ والظلما

وأوْسَعَ السِّلمَ أمناً، والهياجَ ردًى … و الأفقَ نوراً ، وأكنافَ العلا كرما

إنَّ اعتمادك سيفٌ لا يفلُّ لهُ … غَربٌ إذا فُلَّ غربُ السيفِ أو حُطِما

و فضلُ رأيكَ لو يرمي ببادرة ٍ … مِنْ عَزْمهِ سدَّ ذي القرنينِ لانهدما

أعددتَ للدهرِ آراءً تري ويداً … ترمي نصالاً تسميها الورى همما

هَلْ مِنْهُ واردة ٌ والنصرُ يقدُمها … إلاّ وكانَ لهَا إقْدامُكُمْ قَدَما

أتيتَ في الدرعِ فوقَ الطرفِ مرتدياً … ماضٍ كحامِلِهِ لو أُعطيَ الفَهَما

كالبحرِ في النَّهرِ فوق السَّيل مُتَّشحاً … بجدولٍ قد شفى في الشرك كلَّ ظما

والسَّردُ قد ضاقَ ذَرْعاً إذ حواكَ عَلى … من لم يُضِقْ صدرَهُ خطبٌ وإن عظُما

للهِ منكَ أبا عثمانَ مكتسباً … حلوَ الثوابِ بمرّ الصبرِ مغتنما

شَيْحانُ يحسبُ بَرْدَ الظلِّ هاجرة ً … حتى يُرَى بخمار النَّقْعِ ملتثما

البيضُ ندمانهُ ، والبيدُ مجلسهُ … فإن يُرِدْ سَدْلَ ترس يُرْخِهِ عَلَما

حسامُهُ ضَرَّة ٌ للجودِ فِيهِ فَقَدْ … تُقُسِّمَ البَدرُ والضرغامُ بينهُما

لو أنَّ بيضاءَ سامتْ أبيضاً شططاً … لحاربَتْ غِيدُهُ أسيافَهُ الخِذَما

وربّما قبَّل الثغرَينِ مُرْتَشِفاً … ريقينِ يُدعى نجيعاً ذا، وذاكَ دما

إنْ هزَّ معطوفَ ذي لمْ يحنهِ لهما … أو عَنَّ معطفُ هذا يَحْنِه لهُما

يرى الدماءَ عقاراً والظبى زهراً … فالحربُ راحٌ وريحانٌ كما زعما

منازلُ الذمر يبقي درعهُ كفناً … و ضاربُ القرنِ يثني سرجهُ وضما

من يقبلُ الخيلَ والأرواحَ مدبرة ٌ … و يضحكُ النصرَ إذ تبكي السيوفُ دما

ومَنْ جَنى سَيْفُهُ ضرْباً فَيَحْسَبُه … تاجاً بهِ مفرقُ الهيجاءِ قدْ وسما

سرى كسرّ هوى والليلُ يكتمهُ … صدراً فأبدى حنينُ البِيض ما كَتَما

محرماً أنْ يحلَّ السيفُ موطنه … حتى يردَّ إلى أوطانهِ الحرما

لَوْ شاءَ قالَ ولَمْ تَحْصرْ مقالتُهُ … كالرَّعدِ يذهبُ في الآفاق مهتزما

فَهْوَ القضاءُ عَلى الإدراكِ محتجباً … وَما يُرَدُّ لَهُ حكمٌ إذا حَكما

يا آلَ أصفرَ هبكم للوغى شرراً … فَهذه الشمسُ تُطفي ذلكَ الضَّرَما

هذا سليمانُ ملكاً شامخاً وتقى … وأنتمُ الجنُّ فلتُضْحوا لَهُ خَدَما

أنتم ثرى ، وهو أفقُ اللهِ ، فارتقبوا … منهُ الصواعقَ إن لم تشكروا الديما

مَلْكٌ تُشير المعالي نحوَ غُرَّتِهِ … يداً وتنطقُ بالذكر الجميلِ فما

رحيبُ باعِ الهدى والبأسِ ذو لَسَنٍ … يفني الكتائبَ والأموالَ والكلما

لو أقسمَ المدحُ فِيهِ أنّه مَلَكٌ … …. …. ….. ما

يا مَنْ عيونُ العوالي عنهُ قد نَظَرَتْ … شَزْراً وحَجَّ لسانُ السيفِ إذا خصما

دانَتْ بكَ الرومُ دينَ العابدين فهَلْ … غَدا حسامُكَ في أصنامهِمْ صنما

و ثلثوه فقالوا : النورُ مؤتلقاً … و الماءُ مطرداً والجمرُ مضطرما

أضحَتْ أياديكَ في أعناقهِمْ رِبَقاً … وظنّها الناسُ في أيديهمُ نِعَما

ولَوْ رأوْا وَجْهَكَ الوضَّاحَ أسجَدهمْ … لَهُ مهابة ُ جيشٍ يُسجِدُ الأكمَا

كانَتْ سِهامُك قِدماً في قلوبهمُ … فحينَ أقبلتَ قال القومُ : كيف رمى

شيدتَ سقفَ عجاجٍ فوق أرؤسهمْ … لو لَمْ تشيّدْ حقوقَ الله ما انهدمَا

لوْ لم تُفِدْكَ الرُّقَى في طبّ غيّهمُ … نصبتَ سيبكَ قصداً يبرئُ السقما

فككتَ أسرى وها نعماك تأسرُهُمْ … إنَّ السوالة شيء يشبهُ الكرما

أنتَ السلامُ ، فطرسُ المجدِ مستطرٌ … بذكره، بُدِىء َ المكتوبُ أو خُتما

غدا يسائلني عنكَ الجهولَ فمن … قد أنكرَ الشمس فاستفهمتَ عنهُ بما

قلدتَ جيديَ درَّ الصنعِ منتثراً … فَهَاكَ منّيَ دُرَّ القولِ مُنتظما

أمنتني الدهرَ بل خوفتنيهِ فقدْ … حَوَّلْتني نِعَماً في مِثلِها اتَّهما

لا زال جودك في عينِ الندى حوراً … و دامَ عزك في أنفِ العلا شمعا

و ليشكرِ الناسُ ما طوقتَ من مننٍ … فالشكرُ ما زال غَرساً يُثْمِرُ النِّعَما