محاولة في السياحة – أديب كمال الدين

إلى: فيصل عبد الحسن

(1)

لا أحلام في ساحة الهراقلة

سوى أحلام الطيران إلى بلادِ الثلجِ والثيابِ القصيرة

سوى أحلام مهرّبي الآثار ومروّجي الدموع

سوى أحلام الهراقلة الذين بنوا مدرّجات أجسادهم

وسط عرينا العظيم

فذهلنا نحن الذين لا اسم لنا ولا عنوان،

لا ذاكرة ولا يقين.

(2)

لا طيور في ساحة الهراقلة

لا طيور حبّ ولا عصافير،

لا بلابل ولا حمامات

هنا، فقط، أنواع من البوَم

وبضع ببغاوات يتصنّعن الذكاء

هنا موسيقى سائبة

تشبه حبل كلب ضائع.

(3)

كم حملنا إلى هذه الساحةِ من قصائد أو حروف

لكنّ الألف شُغِلَ بعريه

والباء ماتت

والنون تحوّلتْ إلى سخريةٍ مرّة ورثاء

والنقاط احرنجمتْ

والأبجدية ارتبكتْ

والظاء تحوّلتْ إلى شرطي

والضاد إلى جوازِ سفرٍ أبكم

هكذا بكيتُ أنا المنوّن الغامض

وكدتُ أضيع وسط هذا الارتباك الكبير.

(4)

كنتُ أسأل الوجوهَ والأسماء:

هل من طريقٍ إلى جنةٍ ما دون صفعات؟

هل من طريقٍ إلى جنةٍ ما دون دخانٍ أو حريق،

دون أبالسةٍ أو شياطين؟

كنتُ أسألُ وأسأل..

لكن لا أحد لديه السؤال

ولا سؤال لدى أيّ أحد

ولا أحد لدى أيّ كان.

(5)

الدنانيرُ وحدها تتكلم

عجبتُ: لقد صمتَ الهرقلُ العظيم

صمتَ الجبلُ وبائعو اللحم الحي

وبائعات السكائر

وصمت بائعو الفلافل وشعراء مقهى الدموع

وأمينة المكتبة وزوّارها العاطلون

الدنانيرُ وحدها تتكلم

تتكلم وتتكلم وتتكلم

عجبتُ: لقد صمت كلّ شيء

حتّى حروفي التي جمعتْ بعضها ونقاطها

وغادرتْ ساحةَ الهراقلة

في ارتباكٍ عظيم.