ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ – أحمد شوقي

ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ … إلا وأَنت لعيْنِ الدَّهْرِ إنسانُ

وما تَهلَّلتَ إذْ وافاكَ ذو أَمَلٍ … إلا وأَدهَشَه حُسْنٌ وإحسان

لله ساحتكَ المسعودُ قاصدها … فإنما ظِلُّها أَمْنٌ وإيمان

لئنْ تباهى بك الدِّينُ الحنيفُ لكمْ … تقوَّمَتْ بك للإسلامِ أَركان

تُراقِبُ الله في مُلكٍ تدَبِّرُه … فأَنت في العدْلِ والتَّقوى سُليمان

أَنجَى لك الله أَنجالاً لا يُهيِّئُهم … لرفعة ِ الملكِ إقبالٌ وعرفان

أعزَّة ٌ أينما حلتْ ركائبهم … لهم مكانٌ كماَ شاؤوا وإمكان

لم تثنِهمْ عن طِلابِ العِلمِ في صِغَرٍ … في عزِّ مُلكِك أَوطارٌ وأَوطان

تأتي السعادة ُ إلا أَن تُسايِرَهم … لأنهم لموكِ الأرضِ ضيفان

نجلانِ قد بلغا في المجدِ ما بلغا … مُعَظَّمٌ لهما بين الورى شان

يكفيهما في سبيلِ الفخرِ أن شهدتْ … بفضلِ سبقهما روسٌ وألمان

هُما هُما، تعرِفُ العَلياءُ قدرَهُما … كِلاهُما كَلِفٌ بالمجدِ يَقظان

ما الفَرْقَدانِ إذا يوماً هُما طلعا … في مَوكِبٍ بهما يَزهو ويزدان؟

يا كافِيَ الناس بعد الله أَمْرَهُمُ … النَّصرُ إلا على أَيديكَ خِذْلان

ويا منيل المعالي والنَّدى كرماً … الربح من غير هذا البابِ خسران

مولايَ، هل لِفتى بالبابِ مَعذرَة ٌ … فعقلهُ في جلالِ الملكِ حيرانُ؟

سعى على قدمِ الإخلاصِ ملتمساً … رضاك ، فهوَ على اإقبالِ عنوان

أَرى جَنابَكَ رَوضاً للندى نَضِراً … لأنّ غصنَ رجائي فيه ريَّان

لا زالَ مُلككَ بالأَنجالِ مُبتَهِجاً … ما باتَ يُثني على عَلياكَ إنسان