لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ – أبو العتاهية

لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ … فكُلّكُمُ يَصِيرُ إلى تَبابِ

لمنْ نبنِي ونحنُ إلى ترابِ … نصِيرُ كمَا خُلِقْنَا منْ ترابِ

ألا يا مَوْتُ لم أرَ منكَ بُدّاً، … أتيتَ وما تحِيفُ وما تُحَابِي

كأنّكَ قد هَجَمتَ على مَشيبي، … كَما هَجَمَ المَشيبُ على شَبابي

أيا دُنيايَ ما ليَ لا أراني … أسُومُكِ منزِلاً ألا نبَا بِي

ألا وأراكَ تَبذُلُ، يا زَماني، … لِيَ الدُّنيا وتسرِعُ باستلابِي

وإنَّكِ يا زمانُ لذُو صروفُ … وإنَّكَ يا زمانُ لذُو انقلابِ

فما لي لستُ أحلِبُ منكَ شَطراً، … فأحْمَدَ منكَ عاقِبَة َ الحِلابِ

وما ليَ لا أُلِحّ عَلَيكَ، إلاّ … بَعَثْتَ الهَمّ لي مِنْ كلّ بابِ

أراكِ وإنْ طلِبْتِ بكلِّ وجْهٍ … كحُلمِ النّوْمِ، أوْ ظِلِّ السّحابِ

أو الأمسِ الذي ولَّى ذهَاباً … وليسَ يَعودُ، أوْ لمعِ السّرابِ

وهذا الخلقُ منكِ على وفاءِ … وارجلُهُمْ جميعاً في الرِّكابِ

وموعِدُ كلِّ ذِي عملٍ وسعيٍ … بمَا أسدَى ، غداً دار الثّوَابِ

نقلَّدت العِظامُ منَ البرايَا … كأنّي قد أمِنْتُ مِنَ العِقاب

ومَهما دُمتُ في الدّنْيا حَريصاً، … فإني لا أفِيقُ إلى الصوابِ

سأسألُ عنْ أمورٍ كُنْتُ فِيهَا … فَما عذرِي هُنَاكَ وَمَا جوَابِي

بأيّة ِ حُجّة ٍ أحْتَجّ يَوْمَ الـ … ـحِسابِ، إذا دُعيتُ إلى الحسابِ

هُما أمْرانِ يُوضِحُ عَنْهُما لي … كتابي، حِينَ أنْظُرُ في كتابي

فَإمَّا أنْ أخَلَّدَ في نعِيْم … وإمَّا أنْ أحَلَّدَ في عذابِي