ليهنَكَ أن أفطرتَ لامتطلعاً – ابن الرومي

ليهنَكَ أن أفطرتَ لامتطلعاً … إلى الفطر كي تغشى من اللهو مَحْرما

ولأنهما فيه وإن كنت إنما … تحب من الأضياف من كان أَنْهما

وماكنتَ لولا حُبُّك الجودَ بالذي … تُحبّ من القوم الشَّنىء َ المذمَّما

بدا الفطْر فاستقبلتَه باسطاً يداً … بمعروفك المعروف لا فاغرا فما

ظللتَ وذو الهمّ القصيرِ قد انتشى … من الزادِ حتى مال سكراً فنوما

طعامُك إطعامُ الطعام ولم يزلْ … لديك طعام يابنَ يحيى مُقدَّما

نصبتَ وكانت عادة ً تستعيدها … موائدَ غادرنَ المجاوعَ رُعَّمَا

عليهنَّ خيراتٌ حسانٌ كأنها … مضاحِكٌ من رِبْعيِّ روضٍ تبسما

نحرتَ لصُغْرِاهنَّ حتى تركْتنا … نرى الفطر أضحى من إراقتكَ الدما

وكنتَ إذا أفطرتَ شمرتَ مُجْلباً … لتُطْعمَ والجبسُ الهِدانُ ليُطْعما

حلفتُ لأُضحى الفطر حين لبستَه … بلُبسك إياه مَزيناً مُكَرَّما

ولِمْ لا وقد أصبحتَ للمُلك مِدْرَها … وللمجد سُرسُورا وللدّين مَعْلَمَا

غدوتَ غداة َ الفطر عيداً لعيدهِ … ومازلتَ للأعياد عيداً معظّما

ولما تأملتَ الهلال ابن ليلة … تَكَبَّرَ إذا عاينتَه وتعظَّما

طغَى بك غيان المحبّ ارعوى له … حبيبٌ قَراه الصدَّ حولاً مجرَّما

ويا عجباً أن لا يكونَ بدا لنا … كشمس الضحى لابل أجلَّ وأعظما

أليس حقيقاً من تأملتَ وجهه … بذاك بل كلَّ الحقيق وينعما

لعمري لقد ودعتَ بالأمس صاحباً … عفيفاً وإن كان الذي اعتضتَ أَكرما

مضى صاحب عفٌّ وأَعقب صاحباً … جواداً أراه كان منك تعلَّما

غدا مُطمعاً من دان دينَ محمد … ومن فضلِك الفياضِ في الناس أَطعما

خليلٌ أتى من بعد ماغابَ نوبة ً … وكنتَ إليه جِدَّ ظمآن أهْيما

وليس لشيء ماخلا بَذْلك القِرى … نهاراً وقدماً كنت بالبذل مغرما

وقد كان ماتَقريه بالليل كافياً … ولكن ترى ما ازددت من ذاك مغنما

ولستَ براضٍ عن زمانك أو تَرى … فعالَك فيه ما أضاء وأَظلما

ومثلك لا يَستحسنُ البُرْدَ ملبساً … إذا كان من إحدى نواحيه مُعلما

ولكنْ إذا أعلامُه كَمُلَتْ له … فذاك إذا ما كان أيضاً مُسَهَّما

ومازلتَ تَقلى الجودَ إلا مُكمَّلا … وتأبى اصطناع العُرف إلا مُتَمَّما

وتبني العلا حتى يخالك معشرٌ … وما أَبعدوا تبني إلى المجد سُلَّما

فعِش أبداً مادام مجدُك باقياً … ولم يَعْنِ من يعنيه إلا يرمرما

تَصومُ ولم تعدمْ من العلم عصمة ً … وتُفر محموداً ولم تأتِ مأثما

تقوت بنات النفسِ أقواتَ حكمة ٍ … وتطوي حشا دون الخبائث أهضما

حَشًا لم يزلْ تقوَى اله يكفُّهُ … بما خفَّ من زاد وما آب مطعما