لولا يدا بشر بن مروان لم أبل – الفرزدق

لَوْلا يَدا بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ لمْ أُبَلْ … تَكَثُّرَ غَيْظٍ في فُؤادِ المُهَلَّبِ

فإنْ تُغلِقِ الأبَوابَ دُوني وَتَحتَجبْ … فَمَا ليَ مِنْ أُمٍّ بِغَافٍ وَلا أبِ

وَلَكِنّ أهْلَ القَرْيَتَينِ عَشِيرَتي، … وَلَيسوا بوَادٍ مِنْ عُمانَ مَصَوِّبِ

غَطارِيفُ من قَيسٍ مَتى أدْعُ فيهمِ … وَخِندِفَ يَأتُوا للصّرِيخِ المُثَوِّبِ

ولمّا رَأيْتُ الأزْدَ تَهْفُو لحاهُمُ … حَوَاليْ مَزَوْنِيٍّ لَئِيمِ المُرَكَّبِ

مُقَلَّدَةً بَعْدَ القُلُوسِ أعِنّةً … عَجِبتُ، وَمَن يَسمَعْ بذلك يَعجبِ

تَغُمُّ أُنُوفاً لَمْ تَكُنْ عَرَبِيّةً … لِحَى نَبَطٍ، أفْوَاهُهَا لَمْ تُعَرَّبِ

فكَيْفَ وَلمْ يَأتُوا بمَكّةَ مَنسِكاً؛ … ولمْ يَعبُدوا الأوْثَانَ عِندَ المحصَّبِ

ولمْ يَدْعُ داعٍ: يا صَباحاً، فيَرْكَبوا … إلى الرّوْعِ إلاّ في السّفِينِ المُضَبَّبِ

وَمَا وُجِعَتْ أزْدِيّةٌ مِنْ خِتَانَةٍ، … وَلا شَرِبَتْ في جِلدِ حَوْبٍ مُعَلَّبِ

وَما انْتابَها القُنّاصُ بالبَيْضِ وَالجنا، … وَلا أكَلَتْ فَوْزَ المَنِيحِ المُعَقَّبِ

وَلا سَمَكَتْ عَنها سَمَاءً وَلِيدَةٌ، … مَظَلّةُ أعْرَابِيّةٍ فَوْقَ أسْقُبِ

ولا أوْقَدَتْ ناراً لِيعْشُوَ مُدْلِجٌ … إليها، وَلمْ يُسْمَعْ لها صَوْتُ أكْلُبِ

ولا نَثَرَ الجاني ثِبَاناً أمَامَهَا؛ … وَلا انتَقلتْ من رَهبةٍ سَيلَ مِذنَبِ

وَلا أرْقَصَ الرّاعي إلَيهَا مُعَجِّلاً … بِوَطْبِ لَقَاحٍ أوْ سَطيحَةِ مُعزِبِ