لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ – ابن سهل الأندلسي

لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ … لمَا جَرَى السيفُ في شأوٍ مَعَ القلمِ

لكَ الندى والهدى نجلو بنورهما … ليلاً من الجهلِ أو ليلاً من العدمِ

أطلعتَ صبحَ الهدى والعدلِ فامتحقا … دُجُنَّة َ الفاحِمَينِ: الظُّلْمِ والظُّلَمِ

فانهضْ بجدكَ في حسمِ الضلالِ كما … دبّ السّنا في الدجى والبرءُ في سقمِ

لا يغرقُ البحرُ في غمرِ السرابِ ولا … يخلُّ بالنبعِ فرعُ الضالِ والسلمِ

لو أنَّ أرضاً سعتْ شوقاً لمصلحها … جاءتكَ أندلسٌ تمشي على قدمِ

ألبستَ حمصَ سلاحاً لا يفلُّ وقدْ … سلَّ النِّفاقُ عَلَيها سيفَ مُنتقِمِ

وخلِّ قَوْماً تلوا ما لَيْس ينفعُهُمْ … كأنما عكفوا فيه على صنمِ

ظَنّوا الشّقاوة َ فِيما فِيهِ فوزُهُمُ … لا تثقلُ الدرعُ إلا عندَ منهزمِ

غَرَّتْهُمُ بهجَة ُ الآمالِ إذ بَسَمَتْ … وهَل يَسُرُّ ابتسامُ الشيبِ في اللممِ

أضحى أبو عمرو ابن الجدّ منفرداً … في الناسِ كالغُرّة ِ البيضاءِ في الدهمِ

مجبباً كالصِّبا في نفسِ ذي هَرَمٍ … معظَّماً كالغِنى في عينِ ذي عَدَمِ

لَوْ شاءَ بالسَّعْدِ ردَّ السهمَ في لُطُفٍ … بَعْدَ المُروقِ، ونالَ النجمَ من أَممِ

أغرُّ ينظرُ طرفُ الفضلِ عن حورٍ … منهُ ويشمخُ أنفُ المجدِ عن شممِ

لَوْ أنَّ للبدرِ إشْرَاقاً كَغُرَّتِهِ … كانَ الكُسوفُ عَلَيْهِ غيرَ متّهَمِ

دارَتْ نُجومُ العُلا مِنْهُ عَلى عَلَمٍ … و أضرمتْ منهُ نارُ الفخرِ في علمِ

موكلٌ بحقوقِ الملكِ يحفظها … بالمجدِ والجدّ حفظَ الشكرِ للنعمِ

نامتْ بهِ مقلة ُ التوحيدِ آمنة ً … وعينُهُ لَمْ تَذُقْ غَمضاً ولَمْ تنمِ

تضحي الرياضُ هشيماً إذ تحاربهُ … ويورقُ الصخرُ إن ألقى يدَ السَّلَمِ

حمى الهدى وأباحَ الرفدَ سائلهُ … فالرفدُ في حربٍ والدينُ في حرمِ

فجودُ راحتهِ ريٌّ بلا شرقٍ … وضوءُ سيرتهِ نورٌ بِلا ظُلَمِ

يا مَنْ عَلى المَدْحِ شَينٌ في سواهُ كما … يستقبحُ التاجُ معقوداً على صنمِ

و منْ جرى نيلهُ بحراً فغاصَ بهِ … أهلُ الثناءِ عَلى دُرٍّ مِنَ الكلمِ

لئِنْ هزَزْتُكَ للدهرِ الخؤونِ فَما … هززتُ للحربِ غيرَ الصارمِ الخذِمِ

و إن جنيتُ بكَ الترفية َ من شطفٍ … فربَّ مغفِرة ٍ تُنجي مِنَ النّدَمِ