لهوتُ عن وصف الطلول الدّارسَهْ – ابن الرومي

لهوتُ عن وصف الطلول الدّارسَهْ … بروضة ٍ عذراءَ غير عانسَهْ

جادتْ لها كلُّ سماءٍ راجسه … رائحة ٍ بالغيث أو مُغالسه

فأصبحتْ من كل وشيٍ لابسه … خضراءَ ما فيها خَلاة يابسه

كأنما الألسنُ عنها لاحسه … ضاحكة النوار غير عابسه

كأنها معشوقة مُؤانسه … فيها شموسٌ للبهارِ وارسه

كأنها جَماجم الشَّمامسه … ذوي القدود من ذوي القَمامسه

تروقك النَّورة منها الناكسه … بعينِ يقظى وبجيد ناعسه

لؤلؤة ُ الطَّل عليها قارسه … وخُرَّمٌ في صبغة الطيالسه

يحكي الطَّواويس غدت مُطاوِسه … كأنما تلك الفروع المائسه

تَغْمسها في اللاَّزوَرْد غامسه … وصفوة النعمان والقوابسه

من ناصع الحمرة رَيّا قالسه … تكاد تحت الظلمات الدامسه

تهوي إليها كل كفٍّ قابسه … لنعمة الخُلة والمجالسه

في نفس من شمْألٍ مُسالسه … ليّنة الهَزهاز لا معافسه

نَضَّاخة بالطَّلِ غير رامسه … والجدُّ عالٍ والكؤوس كائسهْ

دع ذاوذُدْ عنك الهموم الهالسه … ونهسَ ذُؤبان الخطوب الناهسه

بِمدرهٍ كلتا يديه تارسه … يأوي إلى عاديَّة قُدامسه

جذْل حكاكٍ في الأمور المائسه … ذي شهب تُرمى بها الأبالسَه

خلافة ُ الله بها مُرادِسَه … أقلامهُ كفءُ الرماح الداعسه

عند الخطوب والحروب الضارسه … من آل وهبٍ طالت المقايسه

وقل لأهل الأعينِ المشاوِسه … هل نابسٌ يبرز لي أو نابسه

أو هامس يُكذبني أو هامسه … عزَّ القضاءُ الأيديَ المُخالسه

أضحتْ وما يَندِس قولي نادسَه … نفسُ أبي مُحمدٍ منافسه

في كل مجدٍ وله مُلابسه … وللمساعي دونه ممارِسَهْ

وللوصايا والنُّهَى مُدارسه … وللعلومِ كلها مُداوِسه

بل للغيوب في الصدور جائسه … كأنما السبعة غير الطامسه

جارية ٌ عن أمرهاوكانسه … من علمها بالخطرات الهاجسه

لاتخطىء المكنونَ وهي حادسه … يا لكِ نفساً ما لها مُجانسَه

بكل وحشى جميلٍ آنسَه … من كل مألوفٍ قبيحٍ شامسه

تقوم بالفادح وهي جالسه … وافية ً بالعهد غير خائسه

مبخوسة ٌ في الشكر غير باخسه … في العرف تُسْديه ولا مماكسه

كَيِّسة في ذاك لا مُكايسه … ما ركَسَتْها في ضلالٍ راكسه

ولا تعدَّت سنَناً مُشاخسه … ليست لها شريكة ٌ مشاكسه

من ذاتها بالمنفساتِ نافسَهْ … نفسُ كريمٍ للعلا مُلامسه

وفي الغِمار دُونها مغامسه … فيه سجايا للعطايا ناخسه

فوَفرُهُ في وقعاتٍ حامسه … ووفْدُه في هَيسَاتٍ هائسه

نالت يداه كلَّ كفٍّ يائسه … ففات طَولا كل كفٍ لامسه

ومر يجري والجياد خانسه … ليست له دون قصيٍّ حابسه

ولا لَهُ دون عليٍّ عاكسه … أشهمُ من نجم السماء الخامسه

أكرم من نجم السماء السادسه … أذكى حجَّا من هِرْمِس الهرامسه

أنكا شَبا من ضَيغم خُنابسه … أعذب من صفو النِّطاف القارسه

من غير أن تبأسَ منه بائسه … قد أَفلتْ عنك النجومُ الناحِسَهْ

فلا تخف تعس الجدود التاعسه … قد كَذّب الله النفوس اليائسه

بشيمة ٍ منه وكفٍّ آئسه … ما برحتْ للمكرمات سائسه

وللغُروس المثمرات غارسه … غاذية ً أطفالَهن كانسه

عينٌ من الله عليها حارسه … فإنها في كل فضل رائسه

دونكها من صنعة ِ الفَلافسه … وانظر أَجمَّتك الأكفُّ الخالسه

هل أرضتِ النحلُ الشفاه اللائسه … جزاءَ ما أضحتْ وأمست جارسه