لمن الطلول كأنهنَّ رقومُ – مهيار الديلمي
لمن الطلول كأنهنَّ رقومُ … تضحى لعينك تارة وتغيمُ
يعهدنَ بالإقواءِ عهداً حادثا … وكأنّه مما بلينَ قديمُ
ما كنتُ أعرفُ أنهنَّ نشيدتي … حتى تحدَّث بينهنَّ نسيمُ
وكأنما عبقُ الترائب دلّني … أو ضلّ عن عرَصَاتهنّ لطيمُ
أسمعتني يا دارُ دون صحابتي … والوحى عند أخي الهوى مفهومُ
أين الموالكُ فيكِ أعناقَ المنى … والراقياتُ العيشِ وهو سليمُ
والسارياتُ لنا شموسا في الدجى … والطالعاتُ ضحى ً وهن نجومُ
لا يُقتضينَ وفي الديون عليهمُ … قلبي ولا يُقضى لهنّ غريمُ
لم يبق فيكِ لناشدٍ أوطاره … إلا الوقوفُ عليكِ والتسليمُ
ومقيَّدٌ ذو رمّتين كأنه … غبَّ السواري معصم موشومُ
دسنا ترابك بالمناسمِ والهوى … لو أنه بشفاهنا ملثومُ
ومن الوفاء لساكنيك قيامنا … وشكولهن من الظباء جثومُ
ولقد وقفتُ فما رفدتُ بمسعدٍ … وشكوتُ لو سمع الشكاة َ رحيمُ
والعينُ تسمح ثم تبخلُ حيرة ً … والركبُ يعذر تارة ً ويلومُ
وكأنني فوق الرِّحالة خالعٌ … لعبت بأمّ عظامهِ الخرطومُ
لا الرهنُ يا لمياءُ مفكوكٌ ولا … حبلُ الوثيقة باللِّوى مصرومُ
يُنسى كما تنسى المفاقرُ في الغنى … خلفَ الجوانح سرُّكِ المكتومُ
إنّ الذي عن بغضة ٍ زاورته … لونُ الصدود بلمَّتي مأدومُ
حكمٌ يجورُ على سنيَّ وكيف بال … عدوى عليه وأنتِ فيه خصيمُ
حمَّلتني أوساقه ونفيتني … فأنا الطريدُ وغاربي المهدومُ
ماذا يمسُّكِ من شبابٍ راحلٍ … عنّى وبلبالي عليكِ مقيمُ
أو ما رأيتِ الشَّيبَ جانسَ لونه … في العين درُّ لثاتك المنظومُ
وعلى المقلَّد والمعصَّب منكِ بالنَّ … سبين أخوالٌ له وعمومُ
أفتقنعين مع القرابة ِ أنه … يقصى وإقصاءُ الأقاربِ لومُ
لولا تلافي الفجرِ خابطة َ السُّرى … لقضى عليها الليل وهو بهيمُ
هيهات أعوزَ أنّ يجاملَ مبغضٌ … بخديعة ٍ أو يحمدَ المذمومُ
ما عفنه حتى رأينَ ذبوله … كيف انتجاعُ النبتِ وهو هشيمُ
يا برقة َ الفودينِ إني لم أزل … للبرق من خللِ الخطوب أشيمُ
ما كنتِ أوّلَ ما الزمانُ محمِّلي … أنا عودهُ ذو الجلبة المزمومُ
يجني وعندي حاقرا لا عاجزا … فيما جناه الصبرُ والتسليمُ
أوفضْ سهامك يا زمانُ فإنه … ترمي الحنيَّة ُ والرميُّ سليمُ
نطني بكلّ غريبة ٍ محذورة ٍ … أرجعْ إليك وداؤها محسومُ
إلاّ سؤالَ الباخلين فإنه … غمَّى عليَّ سبيلها مغمومُ
ولقد كفاني في العفافِ بصيرة ً … ذلُّ الحريصِ ورزقهُ مقسومُ
والناسُ إما واجدٌ متعذِّرٌ … أو مغرمٌ بالجود وهو عديمُ
هذا يضنُّ وذاك يقصر ماله … فقد استوى المحظوظُ والمحرومُ
أمَّا ترى نقدَ العيون يردُّني … والبابُ دوني مرتجٌ مقرومُ
عريانَ من ورق النضارة سوقطت … كنني وضاع ببردي التسهيمُ
ملقى ً تنابذني الأكفُّ كأنّني … قعبٌ تفاوتَ صدعهُ مرجومُ
بين الغنى والفقر لا هو جاهلٌ … حظِّي ولا هو في الحظوظ حكيمُ
فوراءَ غمدي صارمٌ ما ضرَّه … شعثُ النّجاد وغربه المثلومُ
خلسَ الردى قومي فأقعد نهضتي … أن لا يقومَ سواي حين أقومُ
ما جهدُ من وجد السلاحَ ونفسه … ملآى وناصرُ غيظه معدومُ
وطئ الزمانُ بهم محاسنَ وجهه … فجبينه بشجاجهِ مأمومُ
نسفوا بأيدي الحادثات كأنّهم … وبرٌ تطارده الصَّبا مجلومُ
أخِّرتُ عنهم للشقاوة بعدهم … ونجا بهم من عيشي التقديمُ
قسماً بها معهونة ً أعناقها … وظهورها الموشيُّ والمرقومُ
قطرا تراقصَ في الحبال إمامها … مرحا فيأخذ إخذه المأمومُ
مشيَ الخرائد ينبعثن مع الطُّلى … حتى تعوقَ روادفٌ وجسومُ
يطرحنَ أشباحا بمكَّة كالقنا … شعثاً وهنّ مسنَّماتٌ كومُ
عقدوا الحبى حيثُ الحلالُ محرَّم … بمنى ً وحيثُ يحلَّلُ التحريمُ
لندى بني عبد الرحيم ومجدهم … من جنَّة ِ الدنيا رقى ً وتميمُ
المانعونُ فما يدعدَعُ جارهم … والحالبون وسرحهم مصرومُ
فيهم عن النظر المريب تخاوصٌ … وعلى جهالاتِ الزمانِ حلومُ
وإذا السنونَ أحلنَ أخلاقَ الحيا … أقلعنَ عنهم والكريمُ كريمُ
نصبوا على وضح الطريق مقاريا … في الجدب يُطعمُ ليلها وينيمُ
وتسلَّبوا للطارقين وأيقنوا … في الحمد أنّ الغانمَ المغنومُ
وإذا تزاحمت الخطوب وضاق عن … نفسِ الجبان ونفسه الحيزومُ
سلُّوا لهم آراءهم فتفرّجتْ … ومن السيوف خواطرٌ وعزيمُ
وإذا الحسين رأيتَ سؤددَ نفسه … وصفَ البعيدَ المدركُ المعلومُ
بالصاحب ابتدأوا المكارم وانتهوا … فالفخرُ مفتتحٌ به مختومُ
مدَّ الفراتُ فما وفى بيمينه … وسما فحلَّق والسحابُ يحومُ
ورأى مكانَ نظيرهِ لصديقه … بالودّ وهو على الملوك زعيمُ
يا وافيا للملك والأخُ غادرٌ … ومصمَّما وحسامهُ مهزومُ
ما ضرَّه يتمٌ وأنت له أبٌ … حانٍ وأمٌّ بالحفاظِ رءومُ
نامت عيون الكالئاتِ تواكلاً … عنه وعينك نومها تهويمُ
حتى أعدتَ الدُّردَ من أنيابه … والليثُ مفترسٌ بها مضغومُ
وأتاك معترفا بزلَّة ِ رأيه … من كان يزعم أنه معصومُ
إن الذي فتل العداوة كفّة ً … لك عاد قبل الصيد وهي رميمُ
ما زال ينشبُ في المطامع كفَّه … حتى تحيّفَ ظفره التقليمُ
نطحَ الصفاة َ أجمَّ يعلم إنّها … لتردُّ ذا الرَّوقينِ وهو حطيمُ
قطع الحبالَ وجاء يركبُ رأسه … فهوى يودُّ لو أنه مخطومُ
يستولد الآمالَ شرّاً والمنى … أمٌّ على طول السّفادِ عقيمُ
حبراتُ فحلٍ راقصتْ ألحاظه … وحلا بفيه شهدها المسمومُ
علقَ الحصارَ مدافعا عن يومه … لو أنّ إملاءَ الحصار يدومُ
يخشى الفرارَ ولا يقدِّم نفسه … فيموتُ تحت السيف وهو كريمُ
فاختار أخرى ذلَّ فيها أنفه … لخشاشة يُدمى بها الخيشومُ
شرّ البليّة في الحروب أسيرُها … يسلى القتيلُ ويُعذر المهزومُ
أسكنته دارَ الشقاءِ وإنها … في جنب ما هو خائف لنعيمُ
عاداتُ جدّك في علاك وإنما … رمح الكميِّ بحدّه مدعومُ
لهم اعوجاجُ الأمر إن طعنوا به … ولكفّك التثقيفُ والتقويمُ
وأرى الوزارة تسترقُّ وإنما … هي حرّة وتباحُ وهي حريمُ
لعبتْ بها الهمم القصارُ وأصبحتْ … وسرورها عند الرجال همومُ
في كلّ يوم نابتٌ نبعت به … عوجاءُ شائكة ُ الغصونِ عذومُ
لا ظلّ فوق الأرض يحمي قائلا … فيها ولا تحت التراب أرومُ
خوَّارة يمضي شظايا طيَّحاً … تحت النواجذِ عودها المعجومُ
تلقاه عارفة ً أسرّة َ وجهه … بالذلّ وهو بعزِّها موسومُ
محصورة ٌ فيه السيادة ُ نافرٌ … من شكله التوقيرُ والتعظيمُ
يرضى من العلياء باسمٍ ما لهُ … معنى ً وزعنفة ُ الأديم أديمُ
يعطي الشِّفاهَ إذا أراد كرامة ً … كفّاً مقبِّلها بها ملطومُ
أفتغضبون وأنتمُ جيرانها … لسوامِ مجدٍ ما لهنَّ مسيمُ
أم كلُّ فضل في الزمان وأهلهِ … حتى الوزارة مهملٌ مظلومُ
غرِّدْ فعندكَ يا حمامة ُ طوقها … وانظر ففيك لحاظها يا ريمُ
واسمح لها أن كنتَ عنها فاضلا … كم ناقصٍ وله بكم تتميمُ
واجلس لوفد المهرجان وكعبك ال … عالي وأنفُ الدهر فيك رغيمُ
يأتيك قسرا خادماً لك قائماً … فيه ومجدك جالسٌ مخدومُ
متسربلاً ثوبَ الخلود وشيعهُ … حليُ القريض ودرّهُ المنظومُ
تهبَ النفوسَ من النفائس غالبا … أمرَ الليالي أمرك المرسومُ
يا أسرتي مالي ألسُّ خشاشتي … يبساً وواديكم أغنُّ جميمُ
أنفَ الإباءُ لوائلمن وائلٍ … ففنوا وعزَّت بالوفاءِ تميمُ
ولو اكتفى قيسٌ بفتوى أمِّه … لمضى عديٌّ طائحا وخطيمُ
وأى أخا كسرى يبيتوقومه … فيهم سيوفُ النصروهو مضيمُ
عهدي بكم زمناً وجرحي بينكم … يوسى وصدعُ خصاصتي ملمومُ
فإذا خوى قصبي وساندَ فيكمُ … طلبَ الرفادة جنبي المهضومُ
حمت الليوثُ عن الشبول وجرجرت … دونَ البكارِ مصاعبٌ وقرومُ
فعلام إذ طلتم وزدتم بسطة ً … أنا من رضاع سحابكم مفطومُ
أبغى حياضكمُ فأضربُ دونها … ضربَ الغرائب وهي حرَّى هيمُ
عتبُ المدلِّ وتحته لودادكم … صدرٌ على خرِّ الشفار سليمُ