لمنْ طللٌ هاجَ الفؤادَ المتيما – جرير

لمنْ طللٌ هاجَ الفؤادَ المتيما … وَهَمَّ بِسَلْمَانِينَ أنْ يَتَكَلّمَا

أمَنْزِلَتَيْ هِنْدٍ بِنَاظِرَة َ اسْلَمَا، … وَ ما راجعَ العرفانَ إلاَّ توهما

و دقْ أذنتَ هندٌ حبيباً لتصرما … عَلى طُولِ مَا بلّى بِهِنْدٍ وَهَيّمَا

و قدْ كانَ منْ شأنِ الغوى َّ ظعائنٌ … رَفَعنَ الكُسَا وَالعَبْقَرِيَّ المُرَقَّمَا

كَأنّ رُسُومَ الدّارِ رِيشُ حَمَامَة ٍ … محاها البلى فاستعجمتْ أنْ تكلما

طَوَى البَينُ أسبابَ الوِصَال وَحاوَلتْ … بكِنْهِلَ أسبابُ الهوَى أنْ تَجَذّمَا

كأنَّ جماَ الحيَّ سربلنَ يانعاً … منَ الواردِ البطحاء منْ نخلِ ملهما

سقيتِ دمَ الحياتِ ما بالُ زائرٍ … يلمُّ فيعطي نائلاً أن يكلما

وَعَهْدي بهِنْدٍ، وَالشّبَابُ كَأنّهُ … عَسِيبٌ نَمَا في رَيّة ٍ، فَتَقَوَّمَا

بهندٍ علقتِ بالنفسِ منها علائقٌ … أبَتْ طول هذا الدّهرِ أنْ تَتَصَرّمَا

دعتكَ لها أسبابُ طولِ بليهٍ … وَوَجْدٌ بهَا هَاجَ الحَديثَ المُكَتَّمَا

على حِينِ أنْ وَلّى الشّبَابُ لِشَأنِهِ … و أصبحَ بالشيبِ المحيلِ تعمما

ألا لَيْتَ هذا الجَهْلَ عَنّا تَصَرّمَا، … و أحدثَ حلماً قلبهُ فتحلما

أنيختْ ركابي بالأخرة ِ بعدما … خَبَطْنَ بحَوْرَانَ السّرِيحَ المُخَدَّمَا

و أدنى وسادي منْ ذراعِ شلمة ٍ … وَأترُكُ عاجاً، قَدْ عَلِمتِ، وَمِعصَمَا

وَعَاوٍ عَوَى مِنْ غَيرِ شَيءٍ رَمَيْتُهُ … بِقَارِعَة ٍ أنْفَاذُهَا تَقْطُرُ الدّمَا

وَإنّي لَقَوّالٌ لِكُلّ غَرِيبَة ٍ … ورودٍ إذا الساري بليلٍ ترتما

خَرُوجٍ بِأفْوَاهِ الرّوَاة ، كأنّهَا … قَرَا هُنْدُوَانيّ، إذا هُزّ صَمّمَا

فَإنّي لهَاجِيهِمْ بِكُلّ غَرِيبُة ٍ … وَرُودٍ، إذا السّارِي بِلَيْلٍ تَرَنّمَا

غَرَائِبَ أُلاّفاً، إذا حَانَ وِرْدُهَا … أخَذْنَ طَرِيقاً للقَصَائِدِ مَعْلَمَا

لَعَمْرِي لَقَدْ جَارَى دَعيُّ مُجاشعٍ … عذوماً على طولِ المجاراة ِ مرجما

وَلاقَيْتَ مِنّا مِثْلَ غَايَة ِ دَاحِسٍ، … و موقفهِ فاستأخرنْ أوْ تقدما

فإنّي لهاجِيكُمْ، وَإنّي لَرَاغِبٌ … بأحْسَابِنَا فَضْلاً بِنَا وَتَكَرُّمَا

سأذكرُ منكمْ كلَّ منتخبِ القوى … منَ الخُورِ لا يَرْعى حِفاظاً وَلا حِمَى

فأينَ بَنو القَعقاعِ عَن ذَوْدِ فَرْتَنى ، … و عنْ أصلِ ذاكَ القنَّ أنْ يتقسما

فَتُؤخَذَ مِنْ عند البَعيثِ ضَرِيبَة ٌ، … وَيُتْرَكَ نَسّاجاً بِدارِينَ مُسْلَمَا

يَبِينُ، إذا ألْقَى العِمَامَة َ، لُؤمُه، … وَتَعْرِفُ وَجْهَ العَبدِ حينَ تَعَمّمَا

فهلاّ سألتَ الناسَ إن كنتَ جاهلاً … بأيّامِنا يا ابنَ الضَّرُوطِ فتَعْلَمَا

ورثنا ذرى عزٍّ وتلقى طريقنا … إلى َ المجدِ عاديَّ المواردِ معلما

و ما كانَ ذو شغبٍ يمارسُ عيضا … فينظرَ في كفيهِ إلاَّ تندما

سَأحْمَدُ يَرْبُوعاً على أنّ وِرْدَها، … إذا ذيدَ لمْ يحبسْ وإنْ ذادَ حكما

مصاليتُ يومَ الروعِ تلقى عصينا … سريجية ً يخلينَ ساقاً ومعصما

وَإنّا لَقَوّالُونَ للخَيْلِ أقْدِمي، … إذا لمْ يَجدْ وَغلُ الفَوَارِسِ مُقدَمَا

و منا الذي ناجى فلمْ يخزِ قومهُ … بِأمْرٍ قَوِيّ مُحْرِزاً وَالمُثَلَّمَا

و يومَ أبي قابوسَ لمْ نعطهِ المنى … و لكنْ صدعنا البيضَ حتى َّ تهزما

و قدْ أثكلتْ أمَّ البحرين خيلنا … بوردٍ إذ ما أستعلنَ الروعُ سوما

و قالتْ بنو شيبانَ بالصمدِ إذْ لقوا … فوارسنا ينعونَ قيلاً وأيهما

أشَيبانَ لَوْ كانَ القِتالُ صَبَرْتُمُ، … وَلَكِنّ سَفْعاً مِنْ حَرِيقٍ تَضَرّمَا

وَعَضّ ابنَ ذي الجَدّينِ حوْلَ بيوتنا … سَلاسِلُهُ وَالقِدُّ حَوْلاً مُجَرَّمَا

إذا عدَّ فضلُ السعي منا ومنهمْ … فَضَلْنَا بَني رَغْوَانَ بُؤسَى وَأنْعُمَا

ألَمْ تَرَ عَوْفاً لا تَزَالُ كِلابُهُ … تَجُرّ بِأكْمَاعِ السّبَاقَينِ ألْحُمَا

وَقَدْ لَبِسَتْ بَعْدَ الزّبَيرِ مُجَاشعٌ … ثِيابَ التي حاضَتْ وَلمْ تَغسلِ الدّمَا

وَقَدْ عَلِمَ الجِيرَانُ أنّ مُجاشِعاً … فُرُوخُ البَغَايا لا يَرَى الجارَ مَحرَمَا

… لكَانَ كَنَاجٍ، في عَطالَة َ، أعصَمَا

ألمْ ترى أولادَ القيونِ مجاشعاً … يَمُدّونَ ثَدْياً عِندَ عَوْفٍ مُصرَّمَا

فَلَمّا قَضَى عَوْفٌ أشَطّ عَلَيْكُمُ، … فأقسمتمْ لا تفعلونَ وأقسما

أبعدْ ابنِ ذيالٍ تقولُ مجاشعاً … وَأصْحابَ عَوْفٍ يُحسِنونَ التّكلّمَا

فأبتمْ خزايا والخزيرُ قراكمْ … و باتَ الصدى يدعو عقلالاً وضمضما

و تغضبُ منْ شأنِ القيونِ مجاشعٌ … و ما كانَ ذكرُ القينِ سراً مكتما

وَلاقَيْتَ مني مِثْلَ غايَة ِ داحِسٍ … و موقفهِ فاستأخخرنْ أو تقدما

لَقَدْ وَجَدَتْ بالقَينِ خُورُ مُجاشعٍ … كوَجْدِ النّصَارَى بالمَسيحِ بنِ مرْيَمَا