لمنْ الظَّعنُ تهتدي وتجورُ – مهيار الديلمي
لمنْ الظَّعنُ تهتدي وتجورُ … سائقٌ منجدٌ وشوقٌ يغيرُ
تتبعُ الخطوَ قاهراً بينَ أيدي … ها ومنْ خلفها هوى ً مقهورُ
وهي في طاعة ِ التَّلفتِ حيَّا … تٌ وفي طاعة ِ الجبالِ سطورُ
ووراءَ الحدوجِ في البيدِ أروا … حُ المقيمينَ في الدِّيارِ تسيرُ
رفعوها وهي الخدور وراحوا … وهي مما تحوي القلوبَ صدورُ
يا عقيدي على الغرامِ بليلٍ … قمْ وفيَّا وغيركَ المأمورُ
وأعرني إن كانَ مما يعار ال … قلبُ أو كنتَ أنتَ ممنْ يعير
لي وترٌ بينَ الرِّكابِ وأولى … منْ توليَّتَ نصرهُ الموتورُ
حكمتْ في دمَّي فتاة ٌ من الح … يِّ مباحٌ لها الدَّمُ المحظورُ
غادة ٌ بينَ ظبية ِ البانِ والبا … نِ اهتزازٌ في خلقها وفتورُ
بهما تخلسُ العقولُ وترعى … في حمى كلِّ مهجة ٍ وتغيرُ
فمتى استعصمتْ فعاقلتاها … رشأٌ أحورٌ وغصنٌ نضيرُ
منْ عذيري منها وأينَ منْ القا … تلِ يجني ولا يقادُ عذيرُ
قامرتني بطرفها يومَ ذي البا … نِ وراحتْ ولبَّي المقمورُ
دونها منْ إبائها شيمة ُ الغد … رِ ومن قومها القنا المشجورُ
قالَ عنها الواشونَ حقَّاً فعفنا … وقنعنا بالطَّيفِ والطَّيفُ زورُ
ومنَ النَّزحِ صادقٌ وهو مذمو … مُ لدينا وكاذبٌ مشكورُ
زارنا بالعراقِ زورة َ ذي الجن … بِ وماوانُ دونهُ فجفيرُ
يركبُ اللَّيلَ قعدة ً واللَّيالي … صهواتٌ فرسانهنَّ البدورُ
يقطعُ التيهَ والجمالَ دليلٌ … بينَ عينيهِ والظَّلامُ خفيرُ
فإذا مضجعي القضيضُ مهيدٌ … وإذا ليلي الطَّويلُ قصير
ما لظمياءَ تنطوي شرَّة َ العم … رِ فيبلى وحسنها منشورُ
وعظَ الشِّيبُ والحوادثُ فيها … وفؤادي ذاكَ المصرُّ الجسورُ
ومشيرٍ ولَّيتهُ صفحة َ الإع … راضِ عنها والحبُّ لا يستشيرُ
نكرَ البيضَ والصَّبابة َ بالبي … ضِ وأينَ الصَّبا وأينَ النَّكيرُ
إنْ تراني على يديكَ خفيفاً … سلسَ السَّهمِ مقودي والقتيرُ
ليناً تحتَ غمزة ِ الحائلِ الفا … طرِ تنماعُ طينتي وتخورُ
فبما أكرهُ الحفيظَ ولا يط … عمْ نوماً على انتباهي الغيورُ
غيرَ عودي الملوي وغيرَ عصايَال … ملتحى بالملامة ِ المقشورُ
حيثُ حكمي فصلُ القضاءِ على الدَّه … رِ وأمري على الحسانِ أميرُ
فخذْ الآنَ كيفَ شئتَ بحبلي … قدْ كفاكَ الجذابَ أنَّي أسيرُ
يا بني الدَّهرِ كمْ يصمُّ على الزَّج … رِ وكمْ يكمُّهُ السميعُ البصيرُ
سقمٌ ماطلٌ أما آنَ أنْ يف … رقَ شيئاً على الرَّقيِ المسحورُ
ملكَ الجورُ أمركمْ فالفتى المغ … رورُ بالعيشِ فيكمْ معذورُ
فتساقيتمْ الفراقَ بكأسٍ … هي فيكمْ على السَّماء تدورُ
كلَّ يومٍ حقٌّ مضاعٌ عليكمْ … ووفاءٌ لديكمْ مكفورُ
يفرحُ المنتشي بها اليومَ أو ين … سى غداً ما يكابدُ المغمورُ
وثناءٌ تشكو تجارة ُ أعرا … ضكمُ منهُ وهو فيكمُ يبورُ
وجناحٌ إذا المنى ريَّشتهُ … عادَ فيكمْ باليأسِ وهو كسيرُ
وأخٌ وجههُ الحيا الباردَ العذ … بُ ومكنونهُ الأجاجُ المريرُ
عدَّتي منهُ رثَّة ٌ وعديدي … يومَ ألقى العدا بهِ مكثورُ
ومتى هزَّ للحقوقِ نبا من … هُ صديقٌ يكورُ ثمَّ يحورُ
وافترقنا وقدْ سلا الغادرُ الها … جرُ منَّا وما سلا المهجورُ
لو تأسَّى بكاملٍ كلُّ منْ يس … ألُ نصفاً لمْ تلقَ خلقاً يجورُ
تلكَ طرقٌ على المسالكِ عميا … ءٌ وظهرٌ على العراكِ عسيرُ
وعناءٌ على النَّواظرِ أنْ يط … لبَ للشَّمسِ في السَّماءِ نظيرُ
تركَ النَّاسَ خلفهُ سابقَ النا … سِ وقافتْ بهِ الصِّبا والدَّبورُ
وسما للعلا فأشرقَ منْ أش … رفِ أفلاكها الهلالُ المنيرُ
طالباً قدرَ نفسهِ يكفلُ السَّع … يَ لهُ النَّجاحُ والمقدورُ
همَّة ٌ قارنتْ قريناً منَ السَّع … دِ فسارتْ في الأفقِ حيثُ يسيرُ
وعطايا رأتْ معيناً منْ الشُّك … رِ فدامتْ ماكلُّ معطى ً شكورُ
ولدَ الدَّهرُ منكَ والدَّهرُ همٌّ … ما تمنَّتْ على الشَّبابِ الدُّهورُ
واستقلتْ بنعمة ِ اللهِ جنبا … كَ وكلٌّ بثقلها مبهورُ
ورأى النَّاسُ معجزاتكَ فاستي … قنَ منْ شكَّ واستجابَ الكفورُ
فسماحٌ أعمى مسحتْ بكفَّي … كَ عليهِ فارتدَّ وهو بصيرُ
ودفينٌ منَ الفضائلِ نادا … كَ منَ التُّربِ ميتهُ المقبورُ
مستجيراً منَ الرَّدى بكَ فانتا … شَ فاعجبْ بميتٍ يستجيرُ
جدتَ عذب النَّدى غزيراً وجودُ ال … غيثِ ملحٌ في سحبهِ منزورُ
وتعذَّرتَ عنْ كثيركَ والبح … رُ وقدْ قلَّ رفدهُ معذورُ
في زمانٍ غذا الرّجالُ سخوا في … هِ فما فرطُ نيلهمْ تبذيرُ
جودُ منْ لا غداً يخافُ ولا اليو … مَ عليهِ مسيطرٌ ومشيرُ
سائرٌ بالثَّناءِ وهو مقيمٌ … وغنيٌّ بالذِّكرِ وهو فقيرُ
زادهُ بالثَّنا ولوعاً ووجداً … قولُ قومٍ هذا هو التَّدبيرُ
لكَ يومانِ في النَّدى شائعٌ با … دٍ وملقى ً قرامهُ مستورُ
فعطاءٌ وربَّهُ مشكورُ … وعطاءٌ وربَّهُ مأجورُ
قدْ أريقتْ إلاَّ لديكَ المروءا … تُ وضاقتْ إلاَّ عليكَ الأمورُ
وتفردتَ بالمحاسنِ في ده … رٍ بأوصافهِ تشاهُ الدُّهورُ
ملكَ العجزُ فيهِ ناصية َ الفض … لِ فطالتْ ذرى الجبالِ الصُّخورُ
وتواصى الرِّجالُ باللؤمِ حتى ال … مجدَ عارٌ والجودُ ذنبٌ كبيرُ
أقحطتْ أوجهُ البلادِ ومن حو … لكَ للخصبِ روضة ٌ وغديرُ
فإلى بابكَ الحوائجُ يجدو … ولكَ العيرُ في العلا والنَّفيرُ
عادة ٌ منْ ورائها شافعُ النَّف … سِ وأصلٌ بفرعهِ منصورُ
واكتسابٌ أعارهُ شرفُ المي … راثِ والمجدُ أوَّلٌ وأخيرُ
ويميناً بمنْ تمدُّ بأعرا … قكَ في الفخرِ أنْ يسودَ جديرُ
دوحة ٌ منْ ثمارها أنتِ والمغ … رسُ منها بهرامُ أو أردشيرُ
خيرُ ما تربة ٍ على الأرضِ لم يش … عبْ على اللؤمِ طينها المفطورُ
طابَ صلصالُ عيصها وبريِّا … ها ثرى ً ماجدٌ وماءٌ طهورُ
قومكَ الغالبونَ عزَّاً وهمْ قو … مي على الأرضِ وهي ماءٌ يمورُ
ركبوا الدَّهرَ وهو بعدُ فتيٌّ … جذعٌ وهو قارحٌ مقرورُ
ملكوا النَّاسَ آمرينَ وما في النَّ … اسِ إلاَّ مستعبدٌ مأمورُ
كلُّ خوفٍ بهمْ أمانٌ ومهجو … رِ خرابٍ بعدلهمْ معمورُ
أيُّ مجدٍ يضمُّنا وفخارٍ … يومَ أنسابنا إليهِ تصيرُ
إنْ يفتنا الخطيبُ والمنبر المن … صوبُ فالتَّاجُ حظُّنا والسَّريرُ
حسبنا أنْ تعلَّم الملكُ منّا … والسِّياساتُ فيهِ والتَّدبيرُ
وكفيناهُ أمرَ رستمَ في الحر … بِ إذا عدِّدَ الرِّجالُ الذُّكورُ
والَّذي سقى منَ الدَّمِ ذو الأكت … افِ حتّى روَّى الثُّرى سابورُ
ولدوا منكَ كوكبا ضوءهُ السَّا … ري دليلٌ عليهمْ ونذيرُ
واستسلُّوا لفخرهمْ منْ لساني … صارماً غربهُ الكلامُ الغزيرُ
تحطمُ الذُّبَّلُ الصِّعادَ ويسري … صدأ السَّيفِ وهو ماضٍ طريرُ
فلهذا إذا مدحتكَ في عزِّ … ي أسدِّي وفي علائي أنيرُ
منكَ وأنْ تحسنَ الصَّنيعَ وتر … عى ومنِّي التَّنميقُ والتَّجبيرُ
وكلانا بحظِّهِ منْ أخيهِ … جذلٌ يومَ كسبهِ مسرورُ
غيرَ أنَّي يبقى الَّذي أع … طي ويفنى عطاؤكَ الموفورُ
كلُّ كنزٍ في الأرضِ تأكلهُ الأر … ضُ وكنزي مؤبَّد مذخورُ
وسوى ما أقولُ جندلة ٌ تق … ذفُ في الماءِ أو سفاءٌ يطيرُ
كلمٌ أعورُ المعادنِ مطرو … قٌ ومعنى ً مردَّدٌ مطرورُ
سرقاتٌ خلسٌ كما يردِ المذ … عورُ خوفاً أنْ يصطلى المقرورُ
ولعمري إنَّ القريضَ إذا ع … دَّ كثيرٌ وما يسيرُ يسيرُ
لي وحدي إعجازهُ والدَّعاوي … طبقُ الأرضِ فيهِ والتَّزويرُ
ويطيقًُ المغمَّرونَ الَّذي أب … دعَ فيهِ طريقة َ المسطورُ
غرقوا منهُ في بحورِ الأعاري … ضِ وكيفَ المنصوبُ والمجرورُ
واليتامى منْ درهِ في خليجٍ … ضيِّقٍ ليسَ منهُ هذي البحورُ
وإذا المهرجانُ جاءكَ يهدي … هِ فقدْ طابَ زائرٌ ومزورُ
ذاكَ يومٌ فردٌ ذا كلمٌ فص … لٌ وكلٌّ بفضلهِ مشهورُ
فاقتبلْ منهما السُّعودَ وباكر … صفوة َ العيشِ فالمعاشُ البكورُ
وتملَّ الزَّمانَ تجري على حك … مكَ قسراً أيَّامهُ والشُّهورُ
تقعُ الدَّائراتُ دونكَ حسرى … ورحاها على عداكَ تدورُ
غصَّة ُ الغيظِ حظُّ حاسدكَ البا … غي وحظَّاكَ غبطة ٌ وسرورُ
نامَ عنكَ المكلَّفونَ وليلي … ساهرٌ ما لنجمهِ تغويرُ
نفسٌ طالَ كانَ لولاكَ يغنى ال … عفوُ منهُ ويقنعُ الميسورُ
فوفاءً أبا الوفاءِ فلمْ تق … ضِ إذا ما لمْ تقضِ فيَّ النُّذورُ
كنْ غيوراً عليَّ منْ أنْ يلي غي … ركَ نصري إنَّ الكريمَ غيورُ
فكثيرُ الجزاءِ منكَ قليلٌ … وقليلٌ منْ آخرينَ كثيرُ