للناس عيدٌ ولي عيدانِ في العيدِ – ابن الرومي

للناس عيدٌ ولي عيدانِ في العيدِ … إذا رأيتُكَ يابن السَّادَة ِ الصَّيدِ

إذا هُمُ عيّدُوا عيدين في سَنَة ٍ … كانت بوجهك لي أيامُ تَعْييدِ

قالوااستهلَّ هلالُ الفطرقلتُ لهم … وجهُ الأمير هلالٌ غيرُ مفقودِ

بدا الهلالُ الذي استقبلتُ طلعَته … مقابلاً بهلالٍ منك مسعودِ

أجْدِدْ وأخلقْ كلا العيدينِ في نِعمٍ … تأبى لهنَّ الليالي غير تجديدِ

إن قاد صِنُوكَ جيشَ العيدِ عُقبَتَهُ … فما اختَللتَ لفقدِ الجيش في العيدِ

بلْ لوْ تَوحَّدْتَ دونَ النَّاسِ كُلّهمُ … كنتَ الجميع وكانوا كالمواحيدِ

عليك أُبَّهة ُ التأميرِ واقعة ٌ … لا بالجنود ولا بالضُّمِّرِ القُودِ

أنتَ الأميرُ الذي ولّتْهُ همَّتُهُ … بغير عهدٍ من السلطان معهودِ

ولاية ً ليس يجبي المالَ صاحِبُها … بل الرَّغيبينِ من حَمدٍ وتَمجيدِ

هل الأميرُ سوى المُعدى بنائله … على عَداءِ صُروفِ البيض والسُّودِ

وأنتَ تُعدي عليها كلَّما ظَلمَتْ … يا بنَ الكرام بِرِفدٍ منك مَرفُودِ

فَليصنع العَزْلُ والتَّأميرُ ما صنعا … فأنت ما عشْتَ والي إمْرَة ِ الجُودِ

تلكَ الإمارة ُ أعلاها مُؤَمِّرُها … أنْ يملكَ الناسُ منها حلَّ معقودِ

عطَّية ُ الله لا يبتَزُّها أحدٌ … ليستْ كشيء مُعادٍ ثمَّ مَردُودِ

لو كنت أزمانَ وأدِ الناسِ ما وأَدُوا … أحْيا سَماحُك فيهمْ كُلَّ مَوؤودِ

فما يضرُّك ما دار الزمانُ به … وأنت حَالَيْكَ في سِربالِ مَحسُودِ

هذا على أنه لافرقَ بينكما … وحُقَّ ذلك والعُودانِ من عُودِ

أضحى أخوكَ على رَغمِ العِدا جَبلاً … ينوءُ منك بركْنٍ غير مَهدودِ

تَظاهرانِ على تَقوَى إلهكُما … كلا الظَّهِيرينِ مَعضُودٌ بمعضُودِ

فالشَّملُ مُجَتمِعٌ والشَّكلُ مؤْتَلِفٌ … والأزْرُ بالأزر مَشدُود بمشدودِ

والمِرتَّانِ إذا ما الْتَفَّتا وفَتا … بمُسْتمرٍّ من الأمْراسِ مَمسُودِ

ما زادَ كلُّ ظَهيرٍ أمرَ صاحبهِ … بأمرهِ غير تَثْبِيتٍ وتأييدِ

كَلاّولا زاد كلٌّ مَجْدَ صاحبه … بمجدهِ غير تَوطيدٍ وتشييدِ

فالعزُّ عزُّكما والمجدُ مَجدُكما … ومنْ أَبى ذاك مَوطُوءُ اللَّغَاديدِ

كُلٌّ يرى لأخيه فضل سؤددهِ … وكنتما أهل تفضيلٍ وتسويدِ

مات التحاسدُ والأضغانُ بينكما … فمات كلُّ حَسُودٍ موْتَ مَكمودِ

وَرُدَّ كلُّ تَميمٍ كان ينفثُهُ … راقي الوشاة ِ فعَضُّوا بالجلاميدِ

لا زال شَمْلَ اجتماع شَملُ أمركما … وشملُ أمر الأعادي شَملَ تَبديدِ

إن قيل سفيان يأبى الغمدُ جَمعهما … فأنتما مُنصلا سلٍّ وتجريدِ

لا تحوجانِ إلى غمدٍ يضمُّكما … كلاكما الدَّهرَ سيفٌ غير مغمودِ

مُجرَّدانِ على الأعداءِ قد رَغبا … عن الجفون إلى هامِ الصَّناديدِ

مؤلَّفان لنصر الله قد شُغلا … عن التَّباغي بطاغوتٍ ومرِّيدِ

ما في الحسامين مأمورٌ بصاحبه … عليكما بِرِقاب العُنَّد الحِيدِ

للسِّيفِ عن قَطع سَيفٍ مثلِهِ ذَكرٍ … مندوحة ٌ في رقاب ذات بأويدِ

فليُعنَ بالمثلِ المضروب غيركما … فليس معناكُما فيه بموجودِ

لا تعجَبَا من خصَامي عنكُما مثلاً … قد سارَ ما سار في العمران والبيدِ

فكم خَصَمْتُ بِحُكْم الحقِّ من مَثَلٍ … قدْ أبَّدَتْهُ الليالي أيَّ تأبيدِ

هَذا لِذاك وَهذا بْعدَهُ قسَمٌ … بِمشهدٍ من جَلال الله مشهودِ

ما اليومُ يمضي وعيني غَيرُ فائزة ٍ … بِحَظِّهَا منك في عُمري بمعدودِ

لكن تطاولتِ الشكوى بِقائدَتي … فكنتُ شهراً وحالي حالُمصفُودِ

شُغِلتُ عنك بعُوَّارٍ أكابدُهُ … لا بالملاهي ولا ماءِ العَناقيدِ

ولو قَعَدتُ بلا عذْرٍ لَمَهَّدَ لي … جميلُ رأيك عُذري أيَّ تمهيدِ

قاسيتُ بعدَك لا قاسيتَ مثلهُما … نهارَ شكوى يُبارِي ليلَ تسهِيدِ

أمسي وأصبحُ في ظلماءَ من بَصَري … فما نهاريَ من لَيلي بمحدودِ

كأنَّني من كلا يومي وليلته … في سرمدٍ من ظلام الليل ممدودِ

إذا سمعتُ بذِكرِ الشمسِ اسفنِي … فَصَعَّدَتْ زفراتي أيَّ تصعيدِ

وليس فقدُ ضياء الشمس أجزعني … بل فقدُ وجهك أوهى رُكنَ مجلودي

لا يطمئنُّ بجنبي لينُ مُضطجع … وما فراشُ أخي شكوى بممهودِ

أرعى النُّجومَ وأَنَّى لي برِعيتهَا … وطرفُ عينيَ في أسرٍ وتقييدِ

وإنَّ من يتمنَّى أن يواتيهُ … رعيُ النُّجوم لمجهُودُ المجاهيدِ

وضاقَت الأرضُ بي طُرّاً بَما رَحبتْ … فصارَ حَظِّيَ منْها مِثلَ ملحودي

فلم تكنْ راحتي إلا مُلاحظتي … إيَّاكَ عن فكر قلب جدِّمجهودِ

وكمْ دعوتُك والعزاءُ تعصبُني … وأنتَ غاية ُ مَدعى كلِّ منجودِ

وقد تبدلت من بلواي عافية ً … بحمد رَبٍّ على الحاليْنِ محُمودِ

فافتح لعبدك بابَ العُذر إنَّ لهُ … قدماً بلطفكَ باباً غير مسدودِ

يا من إذا البابُ أعيا فتحُ مُقفلهِ … ألقى الدُّهاة ُ إليه بالمقاليدِ

بنجم رأيك تُجْلَى كُلُّ داجية ٍ … يُبَلَّدُ النجْمُ فيها كُلَّ تبليدِ

فإن تماريتَ في عُذري وصحَّتِه … فاجعلهُ غفرانَ ذنب غير مجحودِ

وما تعاقبُ إن عاقبتُ من رجلٍ … بسوطه دون سوط النَّقْم مَجْلُود

حْبي بجُرمي إلى نفسي مُعاقبة ً … إن كنتُ أطردتْ نفسي غير مطرودِ

فإن عفوتَفما تنفكُّ مُرتَهناً … شكراً بتقليد نُعمَى بعدَ تقليدِ

تُطَوِّقُ المَنَّ يُوهي الطَّوْدَ مَحمَلُهُ … وإنَّهُ لخفيفُ الطوق في الجيدِ

تَمُنَّ ثم تَفُكُّ المنَّ مجتَهداً … عن الرقابِ فيأبى غَيرَ تَوكيدِ

وإن سطوتَ فكمْ قوَّمتَ ذا أودٍ … تَقويم لَدنٍ من الخطِّيِّ أملودِ

يابنَ الأكارِم خذْها مِدْحة ً صدرتْ … عن موردٍ لك صافٍ غيرِ مورودِ

لا فضل فيه سوى ما أنت مُفضلهُ … فَشُربُ غيرك منه شُربُ تَصرِيدِ

مكنونُ وُدٍّ توخَّاك الضَّميرُ به … ولم يزاحمكَ فيه شِركُ مودودِ

تَوحيدُ مديحك دون الناس كلِّهمُ … سِيَّانِ عندي وإخلاصي وتوحيدي

وما قصدتُ سوى حظِّي ومسعدتي … ولست في ذاك محفوفاً بتفنيدِ

أنت الذي كلَّما رُمتُ المديح له … أجابني وضميري غيرُ مكدودِ

بحري ببحرِك ممدودٌ فحقَّ له … أن لا يرى الدَّهر إلا غير مَثُمودِ

أمددتَ شِعري بأمدادٍ مظاهرة ٍ … من المناقب لا تُحصى بتعديدِ

وما رميتُكَ من وُدِّي بخاطئة ٍ … منِّي ولا فلتة ٍ عن غير تسديدِ