لكَ أن تشا وعليَّ أن لا أجزعا – مصطفى صادق الرافعي

لكَ أن تشا وعليَّ أن لا أجزعا … وليَ الهوى وعليكَ أن تتمنعا

ما الحبُّ إلا أن تكونَ مملكاً … ونذلُ يا ملكَ القلوبِ ونخضعا

زعم الوشاةُ بأني لك صارمٌ … أوما رأيتَ لكل واشٍ مصرعا

ولو أن حبلَ هوايَ كان مقطعاً … ما باتَ قلبي في هواكَ مقطعا

غادرت عيني لو يفرقُ سهدُها … في الناسِ ما باتَ العواذلُ هُجَّعا

وأمنت أن هوى سواك فرعتني … حتى أمنت عليكَ أن تتوجعا

لا تمضِ في هذا الدلالِ فانما … أهوى دلالك أن يكونَ تصنعا

إني ليقتلني الصدودُ فكيفَ بي … وأرى صدودكَ والنوى اجتمعا معا

فسل الدجى عنيَ تنبئكَ الدجى … واسأل عن العينين هذي الأدمعا

وأصخ لشعري إن رحمتَ فلم يزلْ … شعري يحنُّ إليكَ حتى تسمعا

أمسى بحسنكَ مولعاً وخُلقتَ لا … تهوى الذي يمسي بحسنك مولعا

لو لم أزنهُ بمدحِ عبدِ المحسن … المولى لما باهى الدراري لمعا

ملكَ البيانَ ومن غدا في أهلهِ … فذُّ المشارقِ والمغاربِ أجمعا

نثروا على تاجِ الزمانِ قريضهُ … فغدا به تاجُ الزمانِ مرصَّعا

ولو أنَّ للعربِ الكرامِ عقودَهُ … ما عطلوا في البيتِ منها موضعا

يا كوكب الفلكِ الذي آياتهُ … تأبى على كل امرئ أن يطمعا

عدوا أكاسرة القريضِ ثلاثةً … ولقد أراهم أصبحوا بك أربعا

سلْ ذلكَ الغطريفَ ماذا يدعي … لو أدركتهُ مروِّعاتُكَ ما ادعى

أو ما تركتَ السابقينَ إذا جروا … ومشيتَ هوناً دونَ شأوكَ ظُلَّعا

ولقد أطاعتكَ الكواكبُ مثلما … كانت ذكاءُ وقد أطاعتْ يوشعا

وسطا على الشعرِ الزمانُ وغالهُ … فحفظتَ ما غالَ الزمانُ وضيعا

وأريتنا من سحرِ بابلَ أعيناً … تجري علينا البابلي مشعشعا

تركتُ فؤادَ الدهرِ يخفقُ صبوةً … وحنينُ أهلِ الخافقينِ مرجَّعا

فإذا تلوها أصغتِ الدنيا لها … حتى كأن لكل شيءٍ مسمعا

وسجعتَ في مصرٍ وملكُ الشعرِ في … مصرٍ إذا اشتقت العراقَ لتسجعا

ما زلتَ تذكرها الفراتَ ودجلةً … حتى بكى النيلُ السعيدُ وما وعى

فاجعلْ لمدحي من قبولكَ موضعاً … واجعل لشعري في بيانكَ منزعا

إني إذا أرهفتُ حدَّ يراعتي … لم تلقَ في الشعراءِ غيريَ مبدعا