لقد سلّ ريب الدهر فينا فواتكه – ابن شهاب

لقد سلّ ريب الدهر فينا فواتكه … ولا نفس إلا هيواللههالكه

ولا بدع من جور الليالي وإنها … لتقرع أملاك الورى وصعالكه

تخاتل أرباب المعالي ولم تزل … بأنيابها الشم العرانين عالكه

وأي ابن أنثى لم تجد بفنائه … مطايا المنايا والنوائب باركه

وكم نازلت من مزده بشبابه … فألهته عن ليلى ولبنى وعاتكه

وكل امرئ حي وإن طال عمره … سيوطئه الدهر الخؤن سنابكه

وأية نفس لا أبالك لم تكن … إلى الموت يوماً وهي بالرغم سالكه

فليت المنايا والأماني عذبة … لأهل النهى والفضل والجود تاركه

ولو أنها تغلى الفداء لسوغت … لنا حين حان الخطب أن نتداركه

بأرواحنا نفدي الوزير ابن جعفر … حليف الوفا المزري ندى ً بالبرامكه

ترحل عن دار الغرور فهيأت … له الحور في أعلا القصور أرائكه

قلى عَدَنَاً واختار بعد جوارنا … وقد حلَّ عَدْنَاً كي يجاور مالكه

لقد عاش ما يبن الأنام مبجّلاً … وحفَّت به بعد الملوك الملائكة

مضى رافلاً في برج عز ورفعة … ولم يك إلا لابس الثوب حائكه

عفاف وأخلاق حسان وهمّة … أزمة نجب السؤدد المحض مالكه

فكم نال في الدنيا مراتب لم تنل … وقد كان بالتقوى مؤد مناسكه

ومذ غاب أضحت بانتقال سريره … أسارير وجه الحمد والجود حالكه

على مثله فلتبك كل كريمة … ويلبس من في الخافقين برانكه

وهيهات ماذا ينفع النوح والقضا … سيمضي وإن شق الحبيب بنائكه

فهل ترَ في الأقطار من يستحق أن … يزاحمه في مجده أو يشاركه

سوى نجله الشهم الذي مذ بكت على … أبيه العلى عادت به وهي ضاحكه

بنى صالح بيتاً من المجد شامخاً … مكان ابنه والشبل كالليث سامكه

وما كفؤ هذا الشأن إلا محمد … تبوّأ من دست الوزارة حاركه

به وبعبد القادر ابتهج الندى … فطلعه ذين الفرقدين مباركه

فيا أيها الشبلان صبراً تكلّفاً … على الرغم تقفو إثره ومسالكه

وأنا جدير أن نعزّى به كما … نعزي به أولاده وترائكه

ولو جاز في الدنيا الخلود استحقه … نبي محى بالحق دين البطاركه