لتهن عين الى مرآك قد طمحت – ابن نباتة المصري
لتهن عين الى مرآك قد طمحت … ومهجة فيك بالأشجان قد صلحت
يا من اذا باعت الأبصار أسودها … بحبة فوق خديه فقد ربحت
لا أشتكي فيك أشجاني وان مكثت … ولا اكفكف أجفاني وإن نزحت
أنا الذي كرمت أنفاس صبوته … وكلما مسّ ناراً ندها نفحت
يزيدني العذل تبريحاً ألذ به … فليت عذّال حبي فيك ما برحت
ويعجب الدمع عيني حين يجرحها … وما العدالة إلا حيثما جرحت
ما أدمعي في هواك السمح باخلة … وكيف وهي التي بالعين قد سمحت
سقياً لأوقاتك اللآتي إذا ذكرت … حلت على أنها بالحسن قد ملحت
حيث الصبا بشذا الأزهار نافحة … في فحمة الليل والأقداح قد قدحت
وللقيان بورق الطير مشتبهٌ … هذي وتلك على العيدان قد صدحت
والزهر كالضيف أمسى وهو مبتسم … على زقاقٍ من الصهباء قد ذبحت
والراح في يد ساقيها مشعشعة … كأن وجنة ساقيها بها نضحت
ساقٍ إذا اغتبقت ندمان قهوته … أضآء مبسمه الصبحيّ فاصطبحت
لدن المعاطف يمناه ومقلته … تسقيك إن حملت راحاً وإن لمحت
ذو ناظرٍ بالحيا والسحر مكتحل … فالموت إن غضت الأجفان أو فتحت
كم قابلته لكي تحكيه نرجسة … فصح أن عيون النرجس انفتحت
إذا اعتبرت معاني من كلفت به … عجبت من حسن ما دقت وما وضحت
تلك التي خلفت عيناي غارقة … ترعى نجوم الليالي كلما سبحت
آهاً لذكر ليالٍ ما فطنت لها … حتى أناخَ عليها الدهر فانتزحت
كم يقصد الدهر إغضابي بقادحة … في الحال لكنها في الصبر ما قدحت
إن عاب رونق ألفاظي ذوو إحنٍ … ففي السماء بدور طالما نبحت
دع الليالي إني قد غفرت لها … بالافضل الملك ما كانت قد اجترحت
جاءت به مغرب الأوصاف مشرقها … مثال ما اقترح العليا وما اقترحت
ملك لهاهُ عن الآمال قد فصحت … وراحتاه عن الأيام قد صفحت
له خطى ً جازت العليا وما فخرت … وأنمل كفت الدنيا وما بجحت
تندي حياءً غداة الجود طلعته … كأنما منعت كفاه ما بجحت
كانت بنو الدهر غضبى مع زمانهمُ … لكن على يده الفياضة اصطلحت
كم منطق فصحته بالثناء وكم … نحوٍ من الجود في أهل الرجاء نحت
كم نعمة سبحت عن بيت سؤدده … في الخافقين وكم من مدحة سرحت
لاعيبَ في مجده العالي سوى أذنٍ … في الجود لا تسمع العذال إن نصحت
أما الرعايا فقد ردّت بدولته … لها وجوه الأماني بعد ما جمحت
كل البيوت من الأموال باسمة … إلا بيوتاً من الأموال قد كلحت
بين الصوارم والأقلام فكرته … إن دبرت أفلحت أو صاولت فلحت
سجية في بني أيوب قد نفرت … وبين آل تقي الدين قد رجحت
يمدّ زنداً الى العلياء وارية ً … أنوارها وهي ما عيبت وما قدحت
إذا أطال كريم وعده اختصرت … وإن طوى قلب باغ غلها شرحت
ياابن الملوك جلت أنوار غرتهم … غياهب الافك عن طرق الهدى ومحت
لو لم يكن لك حق الملك من قدم … لكن حقك بالنفس التي طمحت
لو خط بعض اسمك العالي على علم … وقابلته حصون الأرض لافتتحت
أنت الذي قدمت امداحه فكري … فخراً على فكرٍ من بعد قد مدحت
أنت الذي فسّحت نعماء والده … حالي وفكرتي الغمآء فانفسحت
وأودعتني جدوى كفه منناً … كأنها بعدُ من جفنيّ قد رشحت
كم مدحة لي من آثار أنعمه … سيارة لنجوم الليل قد فضحت
بطالع السعد لاجديٌ ولاحملٌ … جازت مدى الشهب والغفران ما انتطحت
لله درك من ملك له شرف … ثنى قرائحنا عنه وإن كدحت
دامت لملكك أوقات الحبور اذا … تقلدت من حلى إقبالها اتشحت
وجاد قبرَ الشهيد الغيثُ ينشده … يا ساكني السفح كم عين بكم سفحت