لبيكم يا رفقة النادي – جبران خليل جبران

لبيكم يا رفقة النادي … من سادة في الفضل أنداد

شرفتم يا رفقة النادي … من سادة في الفضل أنداد

وبلطفكم في ستر معجزتي … أسعدتموني أي إسعاد

تلك الشمائل من مجاملة … فيكم وإيناس وإرفاد

لم يؤتها إلاكم أحد … من حاضر سمح ومن باد

زادت هوى بي لم أخله وقد … بلغ المدى الأقصى بمزداد

هي زحلة البلد الحبيب وهل … من نجعة أشهى لمرتاد

من يلتمس روحا وعافية … فهناك تنقع غلة الصادي

هل في الأقاليم التي وصفت … كهوائها براءا لأجساد

أه مائها العذب البرود إذا … ما القيظ أوقد شر إيقاد

أو شمسها تجري أشعتها … بالبلسم الشافي لأكباد

أو سكرها والأجر ضاع به … زهاد زحلة غير زهاد

أو نهرها وبه موارد في … حس وفي معنى لوراد

بين التلون في مساقطه … تبعا لاصال وآراد

ونشيشه في الأذن منحدرا … حتى يحط بصوت رعاد

وهيام أرواح تحس به … ما لا تحس جسوم أشهاد

أي الغياض بحسن غيضتها … لو لم ينلها بالأذى عادي

أبكي على الأدواح غابرة … من باسقات الهام مراد

ما الفأس ألقى كل باذخة … منهن إلا نصل جلاد

تالله أفتأ ذاكرا أبدا … وقفاتها بنظام أجناد

وذهابها برؤوسها صعدا … من موضع التصويب في الوادي

وتحولا في حالها نظمت … فيه المحاسن نظم أضداد

ما إن ترى أوراقها أصلا … شجوا يرفرف فوق أعواد

حتى تعود إلى مناهجها … صبحا واظمأ ما بها نادي

عبث الدمار بها ولو قبلت … أغلى فدى لم يعزز الفادي

لكن أجدتها عزيمتكم … قبل الفوات أبر إجداد

فوجدت تعزية وبشرني … أمل بعصر فجره بسادي

نعتاض من نزوات سابقه … بنعيم عهد راشد هادي

فلتسكت الذكرى مناحتها … وليعل صوت الطائر الشادي

ولتجهر الأصوار موقعة … طربا على رنات أعواد

ولنمض في أفراح نهضتنا … ولنقض أياما كأعياد

إني لأذكر زحلة وأنا … ولد لعوب بين أولاد

متعلم فيها الهجاء وبي … نزق فلا أصغو لإرشاد

كل يعد الدرس مجتهدا … وأنا بلا درس وإعداد

أمسي وأصبح والعريف يرى … أن الجهالة ملء أبرادي

ويلوح والأخطار تحدق بي … أن الردى لابد مصطادي

لكنني أنجو بمعجزة … والمهر يزبد أي إزباد

ويجيئني إرهاف حافظتي … في منتهى عامي بأمداد

يا رفقتي بدء الصبا عجب … هذا المصير لذلك البادي

هل كان هذا العقل بعدئذ … من جهلنا الماضي بميعاد

من كان يومئذ يظن لنا … هذا الرواح وكلنا غادي

أضحى صغار الأمس قد كبروا … ودعوا باباء وأجداد

وابيض فاحم شعرهم ومشوا … ميلا بقامات وأجياد

شأن الحياة ولا دوام على … حال سلوا الآثار من عاد

لكن إذا بدنا فيا وطنا … نفديه عش واسلم لاباد

ومقام زحلة بالغ أبدا … أوج الفخار برغم حساد

آساد زحلة لا لا ينافرهم … بلد من الدنيا باساد

أجواد زحلة لا يكاثرهم … بلد من الدنيا بأجواد

أدباؤها لهم مكانتهم … في صدر أهل النطق بالضاد

صناعها متفوقون وإن … لم يظفروا يوما بإمداد

في كل علم كل نابغة … ولكل فن كل مجواد

قوم المروءة والإباء هم … لا قوم مسكنة وإخلاد

في كل مرمى همة بعدت … عز الحمى منهم باحاد

في آخر المعمور كم لهم … آثار إبداء وإيجاد

ما كان أعظمهم لو اتحدوا … ونبوا بأضغان وأحقاد

هل أنظر الإصلاح بينهم … يوما يحل محل إفساد

هذا الذي يرجو الولاة وما … يخشى العداة وهم بمرصاد

حي المعلقة الجميلة من … دارة مرحبة بوقاد

دار تعز بكل محتشم … عالي الجناب وكل جواد

هم في الصروف أعز أعمدة … لبلادهم وأشد أعضاد

يتوارثون الحمد أجدر ما … كانت مساعيهم بإحماد

يا مجلس البلدين منتظما … كالعقد من نبلاء أمجاد

ذاك التفضل منك خولني … شرفا به أملت إخلادي

فلقد مننت فجزت كل مدى … بجميل صنع ليس بالعادي

لله آيات القلوب إذا … كانت معا آيات إخلاد

يا محتفين تفضلا بأخ … يهفو إليكم منذ آمساد

ما زال هذا الفضل عادتكم … والشعب مثل الفرد ذو عاد