لبعد العهد بدلت البلاد – ابن شهاب

لبعد العهد بدلت البلاد … ونكرت المعابد والعباد

وأنكرني على حنق نجيبي … وحمحم جافلاً مني الجواد

ولم تثبت كعادتها بكفي … قناتي والحسام ولا النجاد

وأعرضت الولائد عن جوابي … كذا يجني على المرء البعاد

فراق ناف عن عشرين عاماً … بها ضيَّعت ما لا يستعاد

أجل أفتنكر البيض افتتاني … بهن وينمحي ذاك الوداد

وينعكس ابتهاجي بالتلاقي … فيعقبه التجنّي والعناد

معاذ الله أن أقلى ويمسي … هباء ذلك العمل المشاد

أبت شيم الخرائد نبذ عهدي … وإن يك شيب بالشيب السواد

عقائل يعربيات لهن … الوفاء جبلة والاتئاد

من الملد اللدان إذا تثنت … يفوح المسك منها والجساد

علمن نزاهتي وعرفن أن … الحديث فحسب غايه ما يراد

فلي ما بينهن عظيم قدر … ومنزلة وودّ واتحاد

إذا ما زرت ناديهن يوماً … يرحب بي ويثنى لي الوساد

رعى الله الليالي اللاء مرت … بعشرتهن إذ يورى الزناد

وحيا ذالك السفح الولي … الملث ولا تخطاه العهاد

وقائله وقد رأت اهتمامي … وروعها الترحل والطراد

علام تجوب ظهر الأرض طولاً … وعرضاً لا قرار ولا رقاد

فقلت خلاك ذم لا تراعي … فلا مال أريد ولا جياد

ولكني أروم لقاء مولى … إلى العليا بكفيه القياد

فلي في البحر سفن منشئاتٌ … ولي في البر راحلة وزاد

إلى خير الملوك أباً وأمّاً … وأكرمهم إذا انتسبوا وجادوا

فقالت لي هو المولى ابن فضل … رشيد العبدلية أو رشاد

فأي العاهلين فديت تعني … فقلت العبدلي هو المراد

له بيت عريق في المعالي … من العرب الأولى شرفوا وسادوا

ملوك أردفت بملوك عز … إليهم كل آبدة تقاد

لهم في المجد برج لا يسامى … بنته البيض والسمر الصعاد

أولاك الصيد أجداد كرام … لمن دانت لهيبته البلاد

لأحمد خير من ركب المطايا … ومن حَمَلَتْه للحرب الجياد

ولفاف الكتائب والسرايا … وفارسها إذا احتدم الجلاد

يقود الخيل عادية عليها … غطارفة تصيد ولا تصاد

عبادلة إلى الجلا سراع … على صهواتها لهم اعتياد

إذا ما صبحت قوماً فيتم … لصبيتهم وللغيد الحداد

تبوّأ في ذرى لحج فأمست … به حرماً يحجّ له العباد

وأضحت معقلاً في الثغر تعنو … له الهضب المنيعة والوهاد

يمون القاطنين بما أحبوا … ويحبو الوافدين بما أرادوا

يهيل التبر بينهم جزافاً … كأن التبر ليس له نفاد

ويمنحهم سمان الكوم يمشي … فينزلق عن غواربها القراد

يسوس الملك مقتدراً برأي … وتدبير نتائجه السداد

ومجد يملأ الفلوات ضخم … تميل له الرواسي أو تكاد

إذا قست الملوك به فهذا … عباب والملوك هم الثماد

صباحة منظر وجلال ملك … وأخلاق حسان واعتقاد

إليها همّه قعساء ما أن … عن الخطر العظيم لها ارتداد

يمد بها إلى الجوزاء كفّاً … فتدنو دونها السبع الشداد

وافعم ملكه عدلاً وأمناً … فما من قائل ظهر الفساد

ولا لحق القوي هناك حيف … ولا رهق الضعيف به اضطهاد

واعلا للعلوم منار هدي … به للدين والدنيا استناد

شديد أزره ببني أبيه … بناة المجد كم برج أشادوا

فمن عبد المجيد شديد ركن … ومن عبد الكريم له عماد

ونيطت بالعليين المعالي … فجلت أن يحيط بها عداد

وفي فضل وفي عبد الحميد … الشهامة والزعامة والشداد

وإن تكتب محاسن محسن أو … محامد أحمد يفنى المداد

محال أن ينال الحيف ملكاً … يكون له بمثلهم اعتضاد

ألا يا ابن الملوك الشوس سمعاً … فداً لك طارفٌ لي والتلاد

بقيت مدى الزمان جليل قدر … لك الدنيا وما فيها مهاد

لرايتك المهابة والترقي … وللملك اتّساع وازدياد

ودونك من أخي مقة ثناءً … يفسر ما تضمّنه الفؤاد

قلائد يعجز ابن العبد عنها … ويقصر من به افتخرت أياد