لا زلتَ أبيضَ غُرَّة ٍ وأيادِ – ابن الرومي

لا زلتَ أبيضَ غُرَّة ٍ وأيادِ … تبدو لنا في سُؤدد وسوادِ

خلعٌ عليكَ جمالُها وجلالُها … أيامُها للناس كالأعيادِ

قسماً لقد رضيتك أعينُ معشر … من وامقين وشانئين أعادي

أقبلتَ في جيشٍ يُظلُّك ليلُهُ … وإليكَ منك لكل عينٍ هادِي

متدِّرعاً خلعاً أنستَ بلُبسها … أنس المعوَّد لبسها المعتادِ

طُرفاً علت شرفاً تليداً لم تزل … متعهِّداً من مثلها بتلادِ

خلع الإلهُ عليكَ يومَ لبستها … هديَ الشَّكور وبهجة المزدادِ

وكساك من خلعِ القلوب محبة ً … كمحبة ِ اللآباءِ للأولادِ

فظللت في خلع تفاوت نجرُها … خافٍ تلاحظه العقول وبادِ

عُمِّرتَ تنهض في مراقٍ عفوها … عفوُ الحدور وأنتَ في إصعادِ

تغدو وأنت جوى ً لأكباد العدا … وقلوبهم وندى على أكبادِ

وإخال أن عِداك قد عطفتهم … كفَّاك بالإرفاد فالإرفادِ

ولقد أردتُ جزاءهم بفعالهم … فعلمت أن العرف بالمرصادِ

يا من أرى حساده استحقاقه … للحظِّ فاستدعى هوى الحسادِ

حسنٌ وإحسان إذا ما عُوينا … ردّا عليكَ ولاء كلَّ مُعادي

من ذا يُعادي البدر أمسى منعماً … نُعمى عفوٍّ للذُّنوبِ جوادِ

كم من يدٍ بيضاء قد أوليتها … تثني إليكَعنانَ كلَّ ودادِ

شكر الإلهُ صنائعاً أسديتُها … سُلكت مع الأرواحِ في الأجسادِ

وعفا نُبوُّك عن وَلِّيكَ إنهُ … أحدوثة ٌ في جانبِي بغدادِ

ومن الزيادة في البلية أنني … أصبحت في البلوى من الأفرادِ

أرني سواي من الذين صنعتهم … رجُلاً نسخَت صلاحه بفسادِ

إني أعوذ بيُمن جدِّك أن أرى … بعد الدنوِّ رهينة َ الإبعادِ