كَأَنَّ سَمْعَانَ لمْ يَلْحَقْ بِمَنْ سَلَفَا – خليل مطران

كَأَنَّ سَمْعَانَ لمْ يَلْحَقْ بِمَنْ سَلَفَا … يا سَعْدَ مَنْ فِي بَنِيهِ أُوتِيَ الخَلَفَا

مَا زَالَ فِي مَسْمَعِ الدُّنْيَا وَمَنْظَرِها … خَلْقاً وَخُلْقاً كمَا فِي عَهْدِهِ أُلِفا

يعِيدُهُ شَخْصُهُ الثَّانِي فَتَشْهَدُهُ … وَمَا تَكَادُ تَرَاهُ العَيْنُ مُخْتَلِفا

مَنْ مِثْلُ يُوسُفَ إِكْرَاماً لِمُنجِبِهِ … وَالعَصْرُ قَدْ عَزَّ فِيهِ مَنْ رَعَى وَوَفَى

شَأَى الرِّجَالَ إِلَى العَلياءِ مُسْتبِقاً … وَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ مِنْهَا كَمَا وَقفَا

مُبادِراً صَادِراً فِي الأَمْرِ عنِ ثقةٍ … مُصَابِراً صَابِراً أَوْ يَبْلُغُ الهدَفَا

جَمَّ المَآثِرِ خَافِيَهَا وظَاهِرِهَا … وَالفَضْلُ يَقْدُرُهُ بِالحَقِّ مَنْ عَرَفَا

فَقَدْ يَكُونُ أَجَلُّ البِرِّ أَبْرَزَهُ … وَقَدْ يَكُونُ أَحَبُّ البِرِّ مَا لَطُفَا

دَعِ النُّبُوغَ وَحَدِّثْ عَنْ مَكَارِمِهِ … وَصِحَّةِ الرَّأْيِ فِي تَصْرِيفِهَا وَكَفى

فهْوَ المِثَالُ لِمَنْ زَكَّى مَكَاسِبَهُ … زَكاةَ عَدْلٍ فَمَا غَالَى وَمَا جَنِفَا

أَلجُودُ خَيْرٌ وَكلُّ الخَيْرِ فِيهِ إِذَا … لَمْ يَعْدُ مَغْزَاهُ أَوْ لَمْ يَنْقَلِبْ سَرَفَا

وَالحِرْصُ إِنْ يَغْدُ شُحّاً بَاءَ صَاحِبُهُ … بِالعَارِ طَالَ بِهِ مُكْثٌ أَوِ انْصَرَفَا

مَالُ الخَسِيسِ لإبْلِيسٍ كَمَا حَكَمُوا … قِدْماً وَمَنْ قَالَ هَذَا لَمْ يَقُلْ سَخَفَا

وَما قُصُورُ الأُولَى يُثْرُونَ إِنْ بَخِلُوا … إلاَّ قُبُورٌ رَعَتْ دِيدَانُهَا الجِيَفَا

فِي الحَرْبِ مَوْعِظَةٌ كُبْرَى أَمَا شَهِدُوا … أَيُّ الأَعَاصِيرِ بِالعُمْرَانِ قَدْ عَصَفَا

لِيَشْكُرِ اللهُ عَنَّا المُحْسِنِينَ فَهُمْ … صَلاحُ مُجْتَمَعٍ قَدْ نَاهَزَ التَّلَفَا

يَا أُسْرَةَ الصّيْدنَاوِيِّ الَّتِي سَلكَتْ … قصْد السَّبِيلِ وَلاَ دَعْوَىَ وَلاَ صَلفَا

اللهُ أَعْطَى فأَعْطَيْتُمْ وَزَادَكُمُ … فَضْلاً فَزِدْتُمْ وَهَذا حَسْبُكم شَرَفَا

تُتَابِعُونَ بِلاَ مَنٍّ أَيَادِيَكُمْ … لاَ تَشْغَلونَ بِهَا الأَقْلاَمَ وَالصُّحُفَا

فِي أَوْجُهِ الخَيرِ شَيَّدْتُمْ مَعَاهِدَكُمْ … بِمَا عَلَى الخَيْرِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَقَفَا

وَكَانَ آخِرَهَا لاَ كَانَ خَاتِمَهَا … تَشْيِيدُكُمْ لِذَوِي الأَسْقَامِ دَارَ شِفَا

تَقومُ فِي الوَسَطِ المَأْهُولِ دَانِيَةً … مِمَّنْ قَضَى الرِّزْقُ أَلاَّ يَسْكُنَ الطَّرَفَا

أبْنَاءُ سَمْعَانَ بِرّاً بِاسْمِ وَالِدِهِمْ … زَكُّوا تَلِيداً وَهُمْ أَهْلٌ لِمَا طَرُفَا

نُقَدِّمُ البِكْرَ فِيهِمْ حِينَ نَذْكُرُهُمْ … كَمَا يُقَدِّمُ تَالِي الأَحْرُفِ الأَلِفَا

شبَابُهُمْ لِلحِمَى ذُخْرٌ يَتِيهُ بِهِ … وَالمُحْصَنَاتُ نُجُومٌ تَقْشَعُ السَّدَفَا

هُمْ وابْنُ عمِّ بِهِ عَزُّوا وَعَزَّ بِهِمْ … كَمُحْكمِ العِقْدِ مِنْ دُرٍّ زها وَصَفَا

فَقَدْ رَأَوْا رَأْي عَيْنٍ كَيْفَ بُورِك فِي … جَنَى سَلِيمٍ وَسَمْعانٍ مُذِ ائْتَلَفَا

هَنَّأْتُ إِليَاسَ إذْ وَافَتْهُ رُتْبَتُهُ … وَلسْتُ أَدْرِي أَقَوْلِيَ بِالمُرادِ وَفَى

وَجُورجُ هَنَّأتُهُ قَبْلاً فَصُغْتُ لَهُ … وَصْفاً عَلَى قَدْرِ مَا أُوتِيتُ أَنْ أَصِفَا

فارُوقُ يَقْدُرُ أَخْطارَ الرِّجَالِ بِمَا … تَسْوَى وَيَعْدِلُ دُنْياهُمْ إِذَا عَطَفَا

نعْماهُ فِي أَهْلِ هَذا البَيْتِ كَمْ شَمَلَتْ … فِي الشَّرْقِ بَيْتاً عَلَيْهِ ظِلُّهُ وَرَفَا

مَا أَحْسَنَ الشِّعْرَ وَالوِجْدانُ مَصْدَرُهُ … كَأَنَّ هَاتِفَهُ مِنْ نَفْسِهِ هَتفَا

إِذَا دَعَا الصِّدْقُ لَبَّى طَيِّعاً وَإِذَا … دَعَتُ مُصَانعَةٌ يوْماً عتَى وجفَا

أَخُصُّ بِالشِّعْرِ أَحْبَابِي وَأُكْرِمُهُ … عَنْ أَنْ يَكُونَ مُدَاجَاةً وَمُزْدَلَفَا

أُثْنِي عَلَيْهِمْ بِمَا فِيهِمْ وَلسْتُ أَرَى … فِيما أُخلِّدَ مِنْ آثارِهِمْ كُلَفَا

يِا يُوسُفَ الحُسْنِ وَالإِحْسَانِ دُمْ مَثلاً … بِالاسْتِقَامَةِ لِلجِيلِ الَّذِي انْحَرَفَا

وَبِالخِصَالِ الَّلَواتِي لاَ يُعَانُ عَلَى … مَطَالِبِ المَجْدِ إِلاَّ مَنْ بِهَا اتَّصَفَا

وَبِالمُضِيِّ مَعَ الفِكْرِ الطَّلِيقِ إِذَا … مَا عَاقَتِ الفِكْرَ أَصْفَادٌ بِهَا رَسفَا

أَبى بَنُونَا الكِفَاحَ الحُرَّ وَالتَمَسُوا … رِقَّ الوَظَائِفِ رَقَّ العَيْشُ أَوْ شَظَفَا

وَفِي الزِّرَاعَةِ لَوْ جَدُّوا وَلَوْ صَبَرُوا … سَهْدٌ لِمَنْ شارَ أَوْ وَرْدٌ لِمَنْ قطفَا

هِيَ المَعَاشُ بِمَعْنَاهُ الصَّحِيحِ لِمَنْ … لَمْ يُفْسِدِ الطَّبْعَ فِيهِ حُبُّهُ التَّرَفَا

وَفِي الصِّنَاعَةِ أَسْبَابٌ مُهَيَّأةٌ … لِمَنْ عَلَيْهَا بِعَزْمٍ صَادِقٍ عكَفَا

أَبُو المَسِيحِ أَأَدْنَى مِنْ مَكَانتِهِ … فِي المَجْدِ إِنْ كَانَ نَجَّاراً وَمُحْتَرِفَا

وَفِي التِّجَارَةِ آرَابٌ يُحَقِّقُهَا … مَنْ كَانَ فِيمَا تَوَلَّى حَازِماً حَصِفَا

هِيَ التِّجَارَةُ لاَ يُعْنَى بِهَا بَلَدٌ … حَتَّى يُرَى وَهُوَ قَحْلٌ جَنَّةً أُنُفَا

سَادَاتُ عَدْنَانَ لَمْ يَأْبَوْا تَعَاطِيَهَا … فَأَيُّ عُذْرٍ لِمَنْ عَنْ نَهْجِهِمْ صَدَفَا

وَالشَّرْقُ أَثْرَى بِهَا دَهْراً فَحِينَ جَرَى … بِهَا عَلَى غَيْرِ مَجْرَاهُ جنَى أَسَفَا

مَارَستَهَا لاَ تُبَالِي مَا تُجَشَّمُهُ … مِنَ المَتَاعِبِ مُعْتَزّاً بِهَا كَلِفَا

وَرُحْتَ بِالمَثَلِ الأَعْلَى تُجَنِّبُنَا … أَنْ بَنْخَسَ الدُرَّ أَوْ أَنْ نُغْلِيَ الصَّدَفَا

أَبُوكَ وَالنَّابِهُونَ المُقْتَدُونَ بِهِ … رَدُّوا إِلَى مِصْرَ ذَاكَ الفَتْحَ مُؤتَنَفَا

طَلِيعَةٌ بِمَسَاعِيهَا أَتَتْ عَجَباً … فَأَرْضَتِ اللهَ وَالأَعْقَابَ وَالسَّلَفَا

يَا مَنْ بِرُتْبَتِهِ العُلْيَا نُهَنِّئُهُ … فِي الحَقِّ تَشْرِيفُ مَنْ نَفْسِهِ شَرُفَا

فَارُوقُ أَوْلاَكَ إِنْعَاماً جَدُرْتَ بِهِ … فَكُنْتَ أَوْفَى وَأَكْفَى مَنْ بِهِ اعْتَرَفَا

دَامَ المَلِيكُ بِعَوْنِ اللهِ مُعْتَضِداً … وَعَرْشُهُ بِوَلاَء الشَّعْبِ مُكْتَنَفَا