قلوب متى منه خلت فنفوس – عبدالغني النابلسي

قلوب متى منه خلت فنفوس … لأحرف وسواس اللعين طروس

وإن ملئت منه ومن نور ذكره … فتلك بدور أشرقت وشموس

رأيناه محبوبا مليحا مهفهفا … لأنواع خطاب الجمال عروس

وإن ظهرت نار الحيا فوق خده … له سجدت من عاشقيه مجوس

وجبريل إن ينفخ بروح مسيحه … تبدت رهابين به وقسوس

وهمنا به حسنا كما البدر طلعة … وفي يده مما يدير كؤوس

له مقلة ترمي علينا إذا رنت … سهاما وما للعاشقين تروس وقمنا به يوما ونمنا به دجى وشام حوت منه الرجال وطوس

وبعنا به وهو الدراهم وهو ما … نبيع وما نشريه وهو فلوس

وماء شربناه ولحما وخبزة … أكلناه واندارت بذاك ضروس

ويا طالما ثوبا لبسناه زينة … ودارا سكناه وفيه ندوس

وعفناه دودا في شراب ومأكل … ونفليه قمل في الثياب وسوس

وتبغضه أعداؤنا وتحبه … أخلاؤنا إذ ضاحك وعبوس

ونحذره أمرا مهولا ونرتجي … له أملا تسمو إليه رؤوس

وذلك من حيث الصفات التي له … فكل ظلالات به وعكوس

ومن حيث شأن الذات فهو منزه … وفيه انمحاء للسوى وطموس

فإما تحقق وافهم الأمر أو فدع … وقل لفروع الحادثات شروس

هو العاشق المسكين يفرح إن دنا … وإن مسه بالضر فهو يؤوس

له ناقة الأشواق يركبها كما … أثارت قديما للحروب بسوس

فخذ بكلامي وانتسب لطريقتي … ولا تك من طيشته دروس

لقد سعدت قوم بحبلي تمسكت … تروض به أحوالها وتسوس

وقوم رمتهم بالدمار ظنونهم … بنا فعيون لي تلاحظ شوس

يرون ولا يدرون ما ذلك الذي … خلال ديار الكائنات يجوس

وهل يدرك الأعمى بغير خياله … وما الجهل إلا شدة وبؤوس

فلا تعتبرهم إنهم في سلاسل … من الوهم أسرى والعقول حبوس

وحافظ على الإيمان بالغيب واحتفظ … فإنا قيام حوله وجلوس

وليس لنا عن مذهب الحب مذهب … وإن بعثرت يوم النشور رموس