قلبي من الطرفِ السَّقيم سقيمُ – ابن الرومي
قلبي من الطرفِ السَّقيم سقيمُ … لو أنَّ من أشكو إليه رحيمُ
أضحى يُنَغِّصُنِي النسيمَ نسيمُه … أفلا يُهنيني النسيمَ نسيم
مِنْ وجهها أبداً نهارٌ واضحٌ … من فرعها ليلٌ عليه بهيم
إنْ أقبلتْ فالبدرُ لاح وإن مَشَتْ … فالغصنُ راح وإنْ رنَتْ فالرِّيم
نعمتْ بها عَينِي فطالَ عذابُها … ولكَمْ عذابٌ قد جناه نعيم
نظرتْ فأقصدتِ الفؤادَ بسهمِها … ثم انثنَتْ نَحْوِي فكِدتُ أهيم
ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ وإن هِيَ أعْرضتْ … وقْعُ السِّهام ونَزْعُهُنَّ أليم
وممّا دَهَتْنِي دون عيني عينُها … لكنَّ غِبَّ النظرتيْن وخيم
ولما البليَّة ُ من خصيمٍ واحدٍ … مالم يكن للمرء منه خصيم
يا مستحلَّ دمي مُحَرِّم رَحْمتي … ما أنصفَ التحليل والتحريم
إن الذي وهبتْ يداه مثلكم … يا آل وهبٍ للْعُلا لكريم
ولئن تَهيِّأ للزمانِ وِلادكم … إن الزمان بمثلكم لعقيمُ
لتَروْن سائلكُمْ أحقَّ بمالِكم … من بعضِكْمْ حتَّى يُقالَ غريم
ويحُلُّ في عَلْيا مَراتِب ودِّكُمْ … وخصوصِكُمْ حتى يُقالَ حميمُ
كم من مهيب منكُمُ تعنو له … غُلْبُ الأُسودِ وإنَّه لحليم
ومُخَدَّعٍ عند السؤالِ كأنه … غِرٌّ هناك وإنّه لحكيم
ومغفَّلٍ عن كل عثرة ِ عاثرٍ … دأبَ الغبيِّ وإنَّه لعليم
مِمَّنْ أقامَ له الطباعُ قناته … لا مَنْ أقام قناتَه التقويم
لله أمرُكُمُ الذي لو أنَّهُ … رجلٌ لقال له الرجال وسيم
لا كان فيه مع النَّماءِ نقيصة ٌ … وصفا له التَّخلْيدُ والتَتْميم
كم تسكُتونَ عن الذي تولونَهُ … لتصغِّروه وإنَّه لجسيم
والله يُعْظِمُ قدر معروف لكم … لم تُعظِمُوه وإنَّه لعظيم
واللَّهُ يبعثُني عليكُمْ إنَّني … بإذاعة ِ العُرف السَّتِير زعيم
ولحَسبُكُم بنميم ما تُخفونَه … منا وللمسْكِ الذكيِّ نَمِيم