قفا تريا ودقي فهاتا المخايل – المتنبي

قِفَا تَرَيَا وَدْقي فَهَاتَا المَخايِلُ … وَلا تَخْشَيا خُلْفاً لِما أنَا قائِلُ

رَماني خساسُ النّاس من صائبِ استِهِ … وآخَرَ قُطْنٌ من يَدَيهِ الجَنَادِلُ

وَمن جاهلٍ بي وَهْوَ يَجهَلُ جَهلَهُ … وَيَجْهَلُ عِلمي أنّهُ بيَ جاهِلُ

وَيَجْهَلُ أنّي مالكَ الأرْضِ مُعسِرٌ … وَأنّي على ظَهرِ السِّماكَينِ رَاجِلُ

تُحَقِّرُ عِندي هِمّتي كُلَّ مَطلَبٍ … وَيَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ

وما زِلْتُ طَوْداً لا تَزُولُ مَنَاكبي … إلى أنْ بَدَتْ للضّيْمِ فيّ زَلازِلُ

فقَلْقَلْتُ بالهَمّ الذي قَلْقَلَ الحَشَا … قَلاقِلَ عِيسٍ كُلّهُنّ قَلاقِلُ

إذا اللّيْلُ وَارَانَا أرَتْنا خِفافُها … بقَدحِ الحَصَى ما لا تُرينا المَشاعِلُ

كأنّي منَ الوَجْناءِ في ظَهرِ مَوْجَةٍ … رَمَتْ بي بحاراً ما لَهُنّ سَواحِلُ

يُخَيَّلُ لي أنّ البِلادَ مَسَامِعي … وأنّيَ فيها ما تَقُولُ العَواذِلُ

وَمَنْ يَبغِ ما أبْغي مِنَ المَجْدِ والعلى … تَسَاوَ المَحايي عِنْدَهُ وَالمَقاتِلُ

ألا لَيسَتِ الحاجاتُ إلاّ نُفُوسَكمْ … وَلَيسَ لَنا إلاّ السّيوفَ وَسائِلُ

فَمَا وَرَدَتْ رُوحَ امرىءٍ رُوحُهُ له … وَلا صَدَرَتْ عن باخِلٍ وَهوَ باخِلُ

غَثَاثَةُ عَيشي أنْ تَغَثّ كَرامَتي … وَلَيسَ بغَثٍّ أنْ تَغَثّ المَآكلُ