قد قربَ الحيُّ إذ هاجوا الأصعادِ – جرير

قد قربَ الحيُّ إذ هاجوا الأصعادِ … بزلاً مخيسة ً أرمامَ أقيادِ

صُهْباً كَأنّ عَصِيمَ الوَرْسِ خالطها … مِمّا تُصَرِّفُ مِنْ خَطْرٍ وَإلْبَادِ

يحدو يهمْ زجلٌ للبينِ معترفٌ … قد كنتَ ذا حاجة لو يربعُ الحادي

إنّ الوِبَارَ التي في الغَارِ مِنْ سَبَإٍ، … هاجَتْ عَلَيكَ ذوي ضِغْنٍ وَأحقادِ

حَلأّتِنا عَن قَرَاحِ المُزْنِ في رَصَفٍ … لوشئتِ روى غليلَ الهائمِ الصادي

كمْ دونَ بابكِ منْ قومٍ نحاذرهم … يا أمَّ عمروٍ وحدادٍ وحدادِ

هلْ مِنْ نَوَالٍ لمَوْعُودٍ بَخِلْتِ بِهِ … وَللرّهينِ الذي استَغلَقْتِ مِنْ فَادِي

لو كنتِ كذبتِ إذْ لمْ توتَ فاحشة ٌ … قَوْماً يَلجّونَ في جَوْرٍ وَأفْنَادِ

فَقَدْ سَمِعْتُ حَديثاً بَعدَ مَوْثِقِنا … مما ذكرتِ إلى زيدٍ وشدادِ

حَيِّ المَنَازِلَ بالبُرْدَينِ قَدْ بَلِيَتْ … للحيَّ لمْ يبقَ منها غيرُ أبلادِ

ما كدتَ تعرفُ هذا الربعَ غيرهُ … مرُّ السنينِ كما غيرنَ أجلادي

لَقَدْ عَلِمْتُ وَما أُخْبرْتُ مِنْ أحدٍ … أنَّ الهوى بنقى يبرينَ معتادي

أللهُ دمرَ عباداً وشيعتهُ … عاداتِ ربكَ في أمثالِ عبادِ

قَدْ كانَ قالَ أمِيرُ المُؤمِنينَ لَهُمْ … مَا يَعْلَمُ الله مِنْ صِدْقٍ وَإجْهَادِ

مَنْ يَهْدِهِ الله يَهْتَدْ لأفضيلّ له … و منْ أضلَّ فما يهديهِ من هادي

لقدْ تبينَ إذ غبتْ أمورهمُ … قَوْمُ الجُحافيّ أمْراً غِبّهُ بَادِي

لاقَوْا بُعُوثَ أمِيرِ المُؤمِنينَ لَهُمْ … كَالرّيحِ إذْ بُعِثَتْ نَحْساً على عَادِ

فِيهِمْ مَلائِكَة ُ الرّحْمَنِ مَا لَهُمُ … سِوى َ التّوَكّلِ والتّسبيحِ مِنْ زَادِ

أنْصَارُ حَقٍ على بُلْقٍ مُسَوَّمَة ٍ، … أمدادُ ربكَ كانوا خيرَ أمداد

لاقتْ جحافٌ وكذابٌ أقادهمُ … مَسقِيّة َ السّمّ شُهبْاً غَيرَ أغْمَادِ

لاقتْ جحافٌ هواناً في حياتهمُ … و ما تقبلُ منهمْ روحُ أجسادِ

إنَّ الوبارَ التي في الغارِ منْ شبأ … لنْ تستطيعَ عرينَ المخدرِ العادي

لما أضلهمُ الشيطانُ قالَ لهمُ … أخْلَفْتُمُ عِنْدَ أمْرِ ألله مِيعَاِدي

ما كانَ أحْلامُ قَوْمٍ زِدْتَهُمْ خبَلاً … إلاَّ كحلمِ فراشِ الهبوة ِ الغادي

إذْ قلتُ عمالُ كلبٍ ظالمونَ لنا … ماذا تقربتَ منْ ظلمٍ وإفسادِ

ذوقوا وقدْ كنتمُ عنها بمعتزلٍ … حَرْباً تَحَرّقُ مِنْ حَمْيٍ وَإيقَادِ

لا بَاركَ الله في قَوْمٍ يَغُرّهُمُ … قولُ اليهودِ لذي حفينِ برادِ

أبصرفانَّ أميرَ المؤمنينَ لهُ … أعلا الفروعِ وحيثُ استجمعَ الوادي

تَلْقى َ جِبالَ بَني مَرْوانَ خالِدَة ً … شُم الرّواسِي وَتُنّبي صَخرَة َ الرّادِي

إنا حمدنا الذي يشفى خليفتهُ … مِنْ كلّ مُبتَدِعٍ في الدّينِ صَدّادِ

فَأرْغَمَ الله قَوْماً لا حلُومَ لَهُمْ … من مُرْجِفِينَ ذَوي ضِغنٍ وَحُسّادِ

لاقى َ بَنُو الأشعَثِ الكِنديّ إذْ نكَثوا … وَابنُ المِهَلّبِ حَرْباً ذاتَ عُصْوَادِ

إنّ العَدُوّ إذا رَامُوا قَنَاتَكُمُ … يَلْقَوْنَ مِنْهَا صَمِيماً غَيرَ مُنآدِ

شَرّفْتَ بُنْيَانَ أمْلاكٍ بَنَوْا لَكُمُ … عَادِيّة ً في حُصُونٍ بَينَ أطْوَادِ

إنَّ اللكرامَ إذا عدوا مساعيكمْ … قدماً فضلتَ بآباءِ وأجداد

بالأعْظَمِينَ إذا ما خاطَرُوا خَطَراً، … وَالمُطْعِمِينَ إذا هَبّتْ بِصُرّادِ

آلُ المغيرة ِ والأعياصُ في مهلٍ … مَدّوا عَلَيكَ بُحوراً غيرَ أثْمادِ

و الحارثُ الخيرُ قد أورى فما خمدتْ … نِيرَانُ مَجْدٍ بِزَنْدٍ غَيرَ مصْلادِ

ما البَحْرُ مُغْلَوْلِباً تَسْموُ غَوَارِبُهُ … يعلو السفينَ بآذيٍ وإزبادِ

يَوْماً بِأوْسَعَ سَيْباً مِن سِجالِكُمُ … عِنْدَ العُنَاة ِ وَعِندَ المُعْتَفي الجادي

إلى مُعَاوِية َ المَنْصُورِ، إنّ لَهُ … دِيناً وَثيقاً، وَقَلْباً غَيرَ حَيّادِ

من آلَ مروانَ ما ارتدتْ بصائرهمْ … منْ خوفِ قومٍ ولا هموا بألحادِ

حتى أتتكَ ملوكَ الرومِ صاغرة ً … مقرنينَ بأغلالٍ وأصفادِ

يومٌ أذلَّ رقابَ الرومِ وقعتهُ … بُشرى َ لمَنْ كانَ في غَوْرٍ وَأنجَادِ

يا ربَّ ما ارتادكمْ ركبٌ لرغبتهمْ … فأخمدوا الغيثَ وانقادوا لروادِ

ساروا على طرقٍ تهدى مناهجها … إلى خَضَارِمَ خُضْرِ اللُّجّ أعْدَادِ

ساروا منَ الأدمى والدامِ منعلة ً … قُوداً سَوالِفُها في مَوْرِ أعضَادِ

سيروا فانَّ أميرَ المؤمنينَ لكمْ … غَيْثٌ مُغِيثٌ بنَبْتٍ غَيرِ مِجحادِ

ماذا ترى في عيالٍ قدْ برمتُ بهمْ … لَمْ تُحْصَ عِدّتُهُمْ إلاّ بِعَدّادِ

كَانُوا ثَمانِينَ أوْ زَادوا ثَمانِيَة ً، … لَوْلا رَجاؤكَ قَدْ قَتّلْتُ أوْلادِي