قد خطبنا للمستضيء بمصر – عماد الدين الأصبهاني

قد خطبنا للمستضيء بمصر … نائب المصطفى إمام العصر

وخذلنا لنصرة العضد العاضد … والقاصر الذي بالقصر

وأشعنا بها شعار بني العباس … ماستشرت وجوه النصر

ووضعنا للمستضيء بأمر الله … عن أوليائه كل إصر

وتركنا الدعي يدعو ثبورا … وهو بالذل تحت حجر وحصر

وتباهت منابر الدين بالخطبة … للهاشمي في أرض مصر

وجرى من نداه دجلة بغداد … بشطر ونيل مصر بشطر

وقد اهتز للهدى كل عطف … مثلما افتر بالمنى كل ثغر

فبجدواه زائل كل فقر … وبنعماه آهل كل فقر

ونداء الهدى أزال من الأسماع … ماع في كل خطة كل وقر

نشكر الله إذ أتم لنا النصر … ونرجو مزيد أهل الشكر

ولدينا تضاعفت نعم الله … وجلت عن كل عد وحصر

فاغتدى الدين ثابت الركن في مصر … محوط الحمى مصون الثغر

واستنارت عزائم الملك العادل … نور الدين الكريم الأغر

وبنو الأصفر القوامص منه … بوجوه من المخافة صفر

عرف الحق أهل مصر وكانوا … قبله بين منكر ومقر

هو فتح بكر ودون البرايا … خصنا الله بافتراع البكر

وحصلنا بالحمد والأجر والنصر … وطيب الثنا وحسن الذكر

ونشرنا أعلامنا السود مهرا … للعدى الزرق بالمنايا الحمر

واستعدنا من أدعياء حقوقا … تدعى بينهم لزيد وعمرو

والذي يدعي الإمامة بالقاهرة … انحط في حضيض القهر

خانه الدهر في مناه ولا يطمع … ذو اللب في وفاء الدهر

ما يقام الإمام إلا بحق … ما تحاز الحسناء إلا بمهر

خلفاء الهدى سراة بني العباس … والطيبون أهل الطهر

بهم الدين ظافر مستقيم … ظاهر قوة قوي الظهر

كشموس الضحى كمثل بدور الثم … كالسحب كالنجوم الزهر

قد بلغنا بالصبر كل مراد … وبلوغ المراد عقبى الصبر

وتمام الحبور ما تم من خطبة … خير الخلائف ابن الحبر

مهبط الوحي بيته منزل الذكر … بشفع من المثاني ووتر

ليس مثري الرجال من ملك المال … ولكنما أخو اللب مثر

ولهذا لم ينتفع صاحب القصر … وقد شارف الدثور بدثر

لسوى نظم مدحه أهجر النظم … فما مدح غيره غير هجر

وأرتنا له قلائد من … وبر ليست بجيد ونحر

وبإنعامه تزايد شكري … وبتشريفه تضاعف فخري

كم ثراء وقوة وانشراح … منه في راحتي وقلبي وصدري

وعلي النذور في مثل ذا اليوم … وهذا يوم الوفاء بنذري

واستهلت بوارق الأنعم الغر … به في حيا الأيادي الغزر

نعش الحق بعد طول عثار … جبر الحق بعد وهن وكسر

دام نصر الهدى بملك بني العباس … حتى يكون يوم الحشر