قاسوكِ يا شمسَ الضُّحى – مصطفى صادق الرافعي

قاسوكِ يا شمسَ الضُّحى … بالبدرِ ظلماً والهلالِ

ورأوا عيونكِ فاستها … موا بالغزالةِ والغزالِ

يأبى جمالكِ أن يقا … سَ وأنتِ مقياسُ الجمالِ

عذرتُ فؤاداً رآكِ فطارا … كذا الطيرُ إما لمحنَ النهارا

ودماً على نفخِ ذكراكِ يهمي … كما هاجتِ النسماتُ الشرارا

نثرتِ على الليلِ منهُ شعاعاً … كما تنثرُ الشمسُ منها النضارا

تداعتْ ضلوعي وعندَ الحريق … يهدمُ أهلِ الديارِ الديارا

ولما أحستْ بذاكَ الدموع … أبينَ من الرعبِ إلا فرارا

وأبصرها العقلُ مُستَنفرات … فمدَّ جناحيهِ خوفاً وطارا

ولا عجبٌ أن تراني على … تقلبِ هندٍ عدمتُ القرارا

فلو أنَّ للأرضِ قلباً يحب … لما أبصرَ الناسُ فيها جدارا

وهندٌ على ما بنا لا تبالي … وحبكِ يا هندُ ليسَ اختيارا

إذا ما هجرتِ عذرنا الدلال … فليسَ دلالكِ إلا اعتذارا

وفي الحبِّ شيءٌ يسمونهُ … نفاراً وما تتركينَ النفارا

كأنَّ الجمالَ بأعمارنا … يطولُ ليصبحنَ منهُ قصارا

وما يربحُ الحسنُ إنْ لم يكن … مُحبُّوهُ يرضونَ منهُ الخسارا

لماذا تجافينَ يا هندُ عني … هبيني ظلاً وراءَكِ سارا

هبيني نسيماً تلطفَ يوماً … فحركَ من جانبيكِ الإزارا

هبيني أشعةَ شمسِ الأصيل … نورٌ يغادرُ خديكِ نارا

هبيني من قَطَرَاتِ الندى … إذا ما انتشرنَ عليكِ انتثارا

هبيني أخاً وهبيني طفلاً … هبيني فتىً وهبيني جارا

هبينيَ من بعدِ هاذا وذاك … غباراً على قدميكِ استثارا

وأقسمُ أني لأطهرُ نفساً … وأصفى غراماً وأسمى وقارا

اتقّي اللهَ إني رأيتُ الجفون … تعلمُ نفسي لديكِ انكسارا

وعودتني أن أخافَ الأنام … وما كنتُ أحذرُ إلا الحذارا

وحملتني من خطوبِ الزمان … بما لمْ يدرِ فلكٌ حيثُ دارا

أصيخي إلى الحلي إني أرىالسوا … رَ يناجي بأمري السوارا

متى ما سمعتِ رنينَ الحليّ … فإنَّ لهنَّ بشأني سِرارا

ولا تفزعي من حفيفِ الثياب … يناديني إذ مللنَ انتظارا

على أنَّ قلبي لها حاسدٌ … فيا ليتهُ كانَ فيها زرارا

ويا ليتني وأنا كالخيوط … نُسجتُ لهذا القومِ إزارا

متى قلتُ يا ليتني مرةً … لأمرٍ توجعتُ منها مرارا

علمتُ من الثديِ ما تضمرين … فقد وقفَ الثديُ حتى أشارا

فحسبي البعادُ وحسبُ النجوم … إذا ما بدا صحبها أن توارى