في البرايا وخلقهم أطواراً – ابن شهاب

في البرايا وخلقهم أطواراً … حكمة تترك العقول حيارى

فحليماً منهم ترى وسفيهاً … وجباناً وباسلاً مغوارا

ومصيباً ومخطئاً وقوياً … وضعيفاً ومستجيراً وجارا

ودعاهم ليعبدوه فما زالوا … منيباً وفاجراً كفّارا

سنة الله في العباد اختلاف … بينهم يملأ الصدور نفارا

ولهذا تحزبوا وادعا العاقل … والأحمق الصواب ومارى

ومن المضحك الغريب اقتحام البغل … بين الفوارس المضمارا

قال لي بعض مدعي العلم ممن … أضرم الحمق بين جنبيه نارا

هل ترفضت قلت لم أدر ما الرفض … لديكم حقيقة واعتبارا

فرفيع مقام قومي وسام … أن يجاروا السفيه والمهذارا

فاستمع ما أقوله ثم قل ما … شئت بعد اعتذاراً أو إنكارا

إن لي من تمسّكي بكتاب الله … ما أتّقي به الأخطارا

ولما صاح من حديث أبي القاسم … انقاد راضياً مختارا

لا أعاني التأويل فيها اتباعاً … للهوى أو تعصّباً أو ضرارا

مذهبي مذهب الوصي أبي … السبطين فالحق دائر حيث دارا

أعلم الصحب للمدينة باب … كم به الله أرغم الكفارا

وتمسكت بالشهيدين إني … سائر في عقيدتي حيث سارا

أشرف العالمين أما وجدا … أطيب الناس عنصراً ونجارا

والمثنى وابن الحسين علي … من به كل مقتد لن يضارا

وعلى الباقر اعتمادي وزيد في … سبيلي فلست أخشى العثارا

حصنوا العلم إذ بنو عبد شمس … خبط عشواء يخبطون سكارى

غيروا بدّلوا طغوا وتعامى … حاملوا العلم خيفة واضطرارا

ألف شهر تمتّعوا ثم حقت … نقمة الله فاستحقوا الدمارا

وبأقوال جعفر حيث صحّت … عنه نقضي ونتبع الآثارا

ولموسى ابن جعفر والعريضي … ومن خلَّفا نرى الخلف عارا

كابن عيسى المهاجر الملتقي … عن أبيه العلوم والأسرارا

وبنيه الأئمة العلويين … الأولى حولوا العتيم نهارا

سالكي المنهج الذي لم تجد فيه … انعطافاً ولست تلقى اوزارا

كالفقيه المقدم ابن علي … سابق القوم خيله لا تجارى

واتخذنا السقاف كوكب مسرانا … وحبل اعتصامنا المحضارا

والذي أسكرته راح التجلّي … وابنه العيدروس غوث الأسارى

وبشيخ الحقيقة ابن أبي بكر … عليّ نأتَم فيما أشارا

هؤلاء الأعلام أشرف بيت … في الورى بيتهم وأعلا منارا

أيها الغمر هل سؤالك إياي … لجهل أم خفّه واغترارا

إننا أيها المغفل نقفو … هؤلاء الأئمة الأطهارا

ولنا الشافعي خير إمام … إن وجدنا في النقل عنهم غبارا

إن يطوفوا نطف ونستلم … الركن ونرمي كما رموها الجمارا

أعلم الناس بالكتاب وبالسنة … حيث الهدى هناك استنارا

بالذي صح عنهم الأخذ أحرى … فاقرأ الكتب وافحص الأخبارا

عن تقل ما به يدينون رفض … فهو ديني عقيدة وائتمارا

أو تقل أخطؤا المحجّة فاذهب … خاسئاً لا تعد إلا حمارا

أعلى الحق تجتري أم عليهم … كيف تسري سرى النسور الحبارى

عن أبيهم أتى الهدى ثم عنهم … يتلقى ويودع الأسفارا

فهو في دورهم وفيهم عريق … ولدى غيرهم يرى مستعارا

ما من الشام جاء أو أرض طوس … أو سمرقند أو أتى من بخارى

ديننا حب أهل بيت رسول الله … حبّاً يكفر الأوزارا

وكذا حب صاحبيه الضجيعين … العليين عنده مقدارا

بهما رب فتنة أخمد الله … أزاغت لهولها الأبصارا

ولعثمان نعرف الفضل لما … جاد بالفضل حين نال اليسارا

والأولى بشروا بأن لهم في … جنة الخلد مستقراً ودارا

ونحب المهاجرين وأَصحاب … النبي الخيار والأنصارا

ضاعف الله أجرهم وعليهم … صيب العفو والرضا مدرارا

وأحل الجميع في جنة الخلد وأجرى … من تحتها الأنهارا

هذه السنة التي أمر الله … بها الناس صبية وكبارا

ونهاهم عن التولي لمن نافق … أو جدّ في الفساد وجارا

ما تريدون بعد أنّا شرحنا … ما الصدور انطوت عليه مرارا

هل تسوموننا انتقاص علي … فنغيظ المهيمن القهارا

أو على ابنيه نجتري وسخيف … من يعيب الشموس والأقمارا

أم تريدون أن نحب ابن هند … وعن النص مثلكم نتوارى

لم تجد مؤمناً كما أخبر الله … محّباً من حارب الجبّارا

وحديث النبي أقوى عرى الإيمان … في الله بغضنا الأشرارا

فهو باغ ولا كرامة للباغي … ومن النار الشرار استطارا

حارب المرتضى وسمّم سبط … المصطفى بئس ما ارتضاه قرارا

يقتل الصالحين صبراً كحجر … يأكل الفيء يلعن الكرّارا

وتمادى يعيث فيهم فساداً … وعلوّاً في الأرض واستكبارا

خاض لج الضلال عشرين عاماً … ثم ولّى يزيده الخمارا

وتقولون باجتهاد مثاب … يا لهذا معرة وشنارا

لو يكون الذي زعمتم صواباً … لا رعوى بعد قتله عمارا

هل ترى عالم الخفيات يرضى … ما صنعتم ويقبل الأعذارا

ومن المخجل احتجاج أناس … بأحاديث تشبه الأسمارا

ساقهم نصبهم إليها افتراها … ورواها من يعبد الدينارا

ولهم كم مقلّد رام ربحاً … لم يزده التقليد إلا خسارا

أين ربح الذي يرى القار مسكاً … يقتنى أو يرى النحاس نضارا

ربّنا افتح بين الجميع بحق … وارفع الخلف بيننا والشجارا

واهدنا أقوم السبيل ولا تحمل … علينا إصراً ولا إصرارا

وارفع الضنك عن عبادك والبأساء … وأرحم وأرخص الأسعارا

وصلاة على نبيّك طه … أعظم الرسل رتبه وفخارا

وعلى العترة الكرام أمان … الأرض من أن تميد أو تنهارا

وعلى الصحب من لنصر رسول الله … ساموا النفيس والأعمارا

وعلى التابعين ما غرد القمري … أو ناوح الحمام الهزارا