فراقكم هاج اشتياقي وأشجاني – الهبل

فراقكم هاج اشتياقي وأشجاني … وأغرى جفوني بالسهاد وأشجاني

وأبدي سقامي فيكم ما كتمته … وعبر شأني في الصبابة عن شاني

وهيهات أن يخفى الذي بي من الهوى … وسر غرامي بعدكم مثل إعلاني

أأحبابنا حتى متى وإلى متى … أرى ذاكرا بالغيب من ظل ينساني

ألا عطفة بالوصل منكم لمغرم … أسير الجوى صادي الجوانح حران

بما بيننا من حرمة الود والهوى … وعقد الإخا فكوا أسيركم العاني

تخذتكم دون الأنام أحبة … وعاصيت فيكم كل من ظل يلحاني

فكيف سمعتم ما روته حواسدي … وقالوه من زور علي وبهتان

ووالله ما رمت التبدل عنكم … ولا مر لي في القلب خاطر سلوان

وإن التسلي والتبدل عنكم … لأمران في دين الغرام أمران

وعاهدتموني بالعقيق على الهوى … فأين مواثيقي ترون وإيماني

ولي فيكم يوم الوداع مهفهف … جفاني فأغرى بالمدامع أجفاني

كلفت به إذ صار في الحسن واحدا … فلم يثنني عن حبه أبدا ثاني

وعنفني من لم يذق كأس صبوتي … ولا بات ذا قلب كقلبي ولهان

عفا الله عمن لامني لو رأى الذي … كلفت به يوم العقيق لأعفاني

غزال كأن الله صور خلقه … من النيرات الزهر في شكل إنسان

يميس بقد يحسد الغصن لينه … ويبسم عن در نضيد ومرجان

وفي خده ورد جني قطافه … ولكن سيف اللحظ يجني على الجاني

أروم لقاه ثم أخشى رقيبه … فآخذ عنه جانبا حين يلقاني

أتاني هواه بعد تركي للهوى … فأذكرني ما الدهر من قبل أنساني

إلى الله أشكو ظالمين تعاهدا … علي وكانا أصل همي وأحزاني

هوى ضقت ذرعا عن تحمل بعضه … ودهرا عن الهادي بن أحمد أقصاني

فتى المجد والعلياء من صار مجمعا … على فضله قاصي البرية والداني

فتى ألقت الآداب طوعا لفكره مقاليد تسليم إليه وإذعان … …

فتى مد للاحسان باع مبرز … فلم يختلف في فضل سؤدده اثنان

فتى ورث العلياء عن خير سادة … مراجيح أحلام مساميح غران

فتى ساد قبل الحلم أبناء جنسه … وشاد لربع المجد أرفع بنيان

أخو نجدة إن يدع للبأس والفدى … فلا عاجز تلقاه ثم ولا واني

حوى قصبات السبق طفلا وناشئا … وبذ الأعالي من شباب وشبان

لقد جمع الهادي بن أحمد في الورى … مكارم شتى ما اجتمعن لإنسان

خطابا كما افترت ثغور زواهر … وخلقا كما اهتزت معاطف أغصان

ونثرا كما رقت كؤوس سلافة … ونظما كما راقت قلائد عقيان

أمولى القوافي السائرات التي غدت … يقر لها فكرا لبيد وحسان

أبثك شوقا لي اليك أقله … يهدد من ركني ثبير وثهلان

أروح بقلب فارغ من تصبري … وأغدو بصدر من شجوني ملآن

فهل عطفه بالقرب منكم لشيق … إلى ورد هاتيك الشمائل ظمآن

وخذها كما لآحت نجوم زواهر … دجى أو كما فاحت أزاهر بستان

ومن سريعا بالجواب فإن لي … إليك اشتياق المغرم الدنف العاني

وحي الحسين الملك نجل مطهر … أخا المجد سامي المرتقى عالي الشاني

وإخوته الغر الأكارم من بنوا … بناء المعالي فوق هامة كيوان

تحية صب شوقه وغرامه … لسوحهم لا للعقيق ونعمان

ولا تعتبن في أن كتبي تأخرت … فما عن ملال كان مني وشنئان

ولكن لأحوال عرت لا عرفتها … وطول هموم لم تزل قط تغشاني

رماح أذى للحاسدين تنوشني … وكف زمان لم تمد بإحسان

تنمر لي يا بن الكرام وطالما … قديما على حسن العوائد أجراني

فكم وقعة بيني وبين صروفه … تهون لها أيام عبس وذبيان

وحسبي داء حرفة أدبية … غدت سببا في وضع قدري ونقصاني

ولو لم يكن من جوره غير أنه … رماني بسهم البعد عنك فأصماني

وما زلت مني في الضمير ممثلا … فألقاك في طي الضمير وتلقاني

دنوت إلى قلبي وإن كنت نازحا … عليك سلام الله من نازح داني