غيوم – إبراهيم ناجي

أملٌ ضائعٌ ولبٌّ مشرَّدْ … بين حبٍّ طفى وجُرح تمرّدْ

وضلالٌ مشت إليه الليالي … هاتكاتٍ قناعه فتجرّدْ

وبدا شاحباً كيوم قتيلٍ … لم يكد يلثم الصباحَ المورّدْ

غفر الله وهمها من ليالٍ … صوّرت لي الربيعَ والروض أجردْ

قاسمتني الورقاءُ أحزانَ قلبي … وشجاه وغَرَّدَتْ حين غرّدْ

ثم ولَّتْ والقلبُ كالوتر الدامي … يتيمُ الدموعِ واللحنُ مفردْ

ما بقائي أرى اطِّراد فنائي … وانتهائي في صورةٍ تتجدّدْ

ورثائي وما يفيد رثائي … لأمانٍ شقيةٍ تتبدّد

عبثاً أجمع الذي ضاع منها … والمنايا منِّي ومنها بمرصدْ

وبقائي أبكي على أملٍ بالٍ … وأحنو على جريحٍ موسَّدْ

واحتيالي على الكرى وبجفنيَّ … قتادٌ ولي من الشوك مرقدْ

وشكاتي إلى الدجى وهو مثلي … ضائعٌ صبحهُ ضليلٌ مسهَّدْ

وشخوصي إلى السماء بطرفي … وندائي بها إلى كل فرقدْ

فجعتني الأيامُ فيه فلم يَبْقَ … على الأرض ما يسرُّ ويُحمدْ

ذهبت بالجميل والرائعِ الفخمِ … وطاحت بكل قدسٍ ممجّدْ

مالَ ركنٌ من السماءِ وأمسى … هلهلَ النسج كلُّ صَرحٍ مُمرَّد

ربِّ عفواً لحيرتي وارتيابي … وسؤالٍ في جانحي يتردّدْ

هو همس الشقاء ما هو شك … لا ولا ثورةٌ فعدلك أخلدْ

أين يا رب أين منقبل حيْني … ألتقي مرةً بحلمي الموحّدْ؟

بخليلٍ ما ردَّه كيدُ نمّامٍ … ولم يَثْنِه وشاةٌ وحُسَّدْ

وحبيبٍ إذا تدفَّق إحساسي … جزاني بزاخرٍ ليس ينفدْ

وعناقٍ أُحِسُّه في ضلوعي … دافقاً في الدماءِ كاليمِّ أزبدْ