غصنٌ من البان في وشاحِ – ابن الرومي
غصنٌ من البان في وشاحِ … ركَّب في مَغْرِس رَداحِ
يهتز طوعاً لغير ريح … والغصن يهتز للرياحِ
غصن ولكنه فتاة … بديعة الشكل في الملاح
زِينتْ بوجه عليه فرع … يحكي ظلاماً على صباحِ
ينفسح الطرف حين تبدو … غُرتُه أيَّما انفساحِ
يا حسنَ خد لها رقيقٍ … يكاد يَدمى بلا جراحِ
ترنو بطرف لها مريض … بين جفون لها صحاحِ
لم يذكرها المحبُّ إلا … طار اشتياقاً بلا جناحِ
مثِّلْهما آخذَيْ نصيبٍ … من الفكاهات والمزاح
في عض خدٍّ ولثم ثغرٍ … ورشف ريقٍ وشرب راح
بلا نِفارٍ ولا نقارٍ … ولا ضِرارٍ ولا تلاحي
ولا لجَاجٍ ولا ضِجاجٍ … ولا حِرانٍ ولا جماحِ
ذوِي سرورٍ ذوي حبورٍ … ذوي نشاطٍ ذوي مراحِ
بحيث لا لغو فيه إلا … غناء طيرٍ به فصاحِ
طير تغني إذا تغنَّت … مهما أراد بلا اقتراحِ
محلُّ صدقٍ يحل فيه … أهل السعادات والفلاحِ
طاب فما يبرحان منه … ولا يريدان من بَراحِ
يا حسن قول الفتاة حِبَّى … أنجحتَ أقصى مدى النجاحِ
تفعل ما تشتهي هنيئاً … ليس على الصبِّ من جناحِ
حقُّك أن تستبيح منِّي … ما ليس منِّي بمستباحِ
ما زلت لا تستريح حتى … حللت في خير مُستراحِ
أنت الذي كان في طلابي … أخا غدو أخا رَواحِ
أنت الذي كان في طلابي … معرَّض النحر للرماحِ
كم من سلاح حملت حتى … سبيتَ قلبي بلا سلاحِ