عَبِثَ الحبيبُ وكانَ مِنهُ صُدودُ – أبو الفضل بن الأحنف

عَبِثَ الحبيبُ وكانَ مِنهُ صُدودُ … ونأى ولمْ أكُ ذاكَ مِنْهُ أريدُ

يُمسي ويُصبِحُ مُعرِضاً متَغضبِّاً … وإذا قصَدتُ إليهِ فَهوَ يَحِيدُ

ويَضِنُّ عَنّي بالكَلامِ مُصارماً … وبمُهجتي وبما يُريدُ أجودُ

إني أحاذِرُ صَدّه وفراقه … إنّ الفِراقَ على المحبّ شديدُ

يا من دعاني ثمّ أدبرَ ظالماً … إرجِعْ وأنْتَ مُواصِلٌ مَحمودُ

إني لأكثرُ ذكركمْ فكأنّما … بعُرى لساني ذِكركمْ مَعقودُ

أبكي لسُخْطِكِ حينَ أذكرُ ما مضَى … يا ليتَ ماقد فاتَ لي مَردودُ

لا تَقْتُليني بالجَفَاء تَمادِياً … واعنَيْ بأمري إنّني مَجهودُ

ما زالَ حُبّكِ في فؤادي ساكناً … وَلهُ بِزَيدِ تنفُّسي تَردِيدُ

فَيَلِينُ طوراً للرّجاء وتارة ً … يَشتدّ بينَ جوانحي ويزيدُ

حَتى برَى جِسمي هواك فما تُرى … إلاّ عِظامٌ يُبّسٌ وجلودُ

لا الحبُّ يَصرِفُهُ فُؤادي ساعة ً … عنَه ولا هو ما بقِيتُ يَبيدُ

وكأنّ حبّ النّاسِ عنديَ ساكنٌ … وكأنّهُ بجوانحي مشدودُ

أمسى فُؤادي عندَكمْ ومحلّهُ … عندي فأينَ فُؤادي المفقودُ

ذهَبَ الفُؤادُ فما أحسّ حسيسه … وأظنُّه بوصالكمْ سَيعُودُ

والله لا أبغي سوِاكِ حبيبة ً … ما اخضرّ في الشّجرِ المُورّقِ عودُ

لله دَرُّ الغانِياتِ جَفَونَني … وأنا لَهُنّ على الجَفاء ودودُ

يَرعينَ عهدي ما شَهِدتُ فإن أغبْ … يوماً فما لي عندَهنْ عُهودُ