عينَّي هذا ربيع الدَّمع فاحتشدا – ابن الرومي
عينَّي هذا ربيع الدَّمع فاحتشدا … وأبلياني بلاءً غير تعذيرِ
خص الأمام وعمَّ الناس كلهُمُ … رزءٌ لعمر المنايا غير مجبور
أم الإمام أصيبت وهْو شاهدها … ولا مُجير على صرف المقادير
لقد تجاوز مقدارٌ تخرمها … ظهراً منيعاً وعِزاً غير مقهور
لو أن خابطة عشواء تخبِطنا … لما تُنُخِّل أهل الفضل والخير
نعاء أمَّ أمير المؤمنين إلى … بيتٍ بمكة فالبطحاء معمور
نعاء راعية المعروف رعيتَهُ … لكل عان بأرض الروم مأسور
ولاختلال ثغورٍ طال ما حملتْ … أبناءهن على الجُرْد المحاضير
مواطنُ البر أمستْ وهي موحشة ٌ … منها وأنكرن عهد الأنس والنور
ليبكِها راغبٌ كانت ذريعتهُ … حتى تبدل ميسوراً بمعسور
وليبكها راهب كانت شفيعتهُ … أمسى يحاذر ذنباً غير مغفور
وليبكها لخلال لا كِفاء لها … أجملن من كل خير كل تفسير
يا بقعة ً قُدِّرت فيها حفيرتُها … لقد خُصِّصت بتقديس وتطهير
لا ضير ألاّ تكوني روضة أنفاً … أنيقة النور مِبْهاج الأزاهير
أمسى جنابك مختاراً على جَدث … من الملائكة الأبرار محضور
تحية الله أزكاها وأطيبها … على معارف وجهٍ فيك منضورِ
أما لقد ذهب النومُ المتاح لها … بذكر يومٍ على الأيام مذكور
يوم وجَدِّك لم تشهده أسعدُهُ … ولا اجتليْنَه ميمونَ التباشير
إنّا إلى الله مرجوعون ما تركتْ … لنا المصيبة عظماً غير مكسور
وإن فينا لبُقيا بعدما سلمت … نفس الإمام لنا من كل محذور