على مثلها كان العلاءُ يحومُ – مهيار الديلمي
على مثلها كان العلاءُ يحومُ … وتقعد بالملك المنى وتقومُ
ويخفق قلبُ الدهر شوقا وتلتظى … إلى الرِّيّ أيام لواغبُ هيمُ
وتطمح ألحاظُ الوزارة كلّما … وهى عامٌ منها وسالَ قويمُ
مجالسُ تنبو عن ظهور ولاتها … فتنزعُ تبغي غيرهم وترومُ
تغيبُ المعالي فيهمُ عن صدورها … وتحضرُ أسماءٌ لهم وجسومُ
جرى السابقُ الممسوحُ غرة ُ وجههِ … ونكَّصَ ملطومُ الجبين بهيمُ
جوادٌ يؤدِّي عن كريم عروقهِ … فيبرزُ والعرقُ الكريم نمومُ
قناة ٌ من المجد التّليد صليبة ٌ … لها مركز في المكرماتِ صميمُ
تمدّ أباً وابنا لنحر حسودها … أنابيبُ لم تعلقْ بهنَّ وصومُ
من الدوحة الغيناء يضحك تربها … رضاعُ المعالي والترابُ فطيمُ
سقاها بنو عبد الرحيم فدلَّها … بهم دمثٌ بين العضاه رخيمٌ
زكتْ ما زكتْ حتى انتهتْ ثمراتها … إلى خير فرع شفَّ عنه أرومُ
وفى لعميد الدولتين بها الحيا … فرفَّ لها ظلٌّ ورقَّ نسيمُ
حلتْ في حلوق الذائقين جناتها … به ولأخلاقِ الرجال طعومُ
هنا اليومَ هذا الأمرُ أنك ربُّه … وكافله بالرأي وهو يتيم
وحاويه لما قيّض الله برءهُ … وقد حام راقٍ وستماتَ سليمُ
توافي عليه الناسُ أين دواؤه … وراحوا ومنهم عاجزٌ وسئومُ
فلا لعنتْ أمُّ الوزارة إنها … لأنجب أنثى يوم عنك تقومُ
لقد ولدتْ منك الذي لا أخا له … وهل تلد العذراءُ وهي عقيمُ
تسنَّمها قومٌ بغير مناكبٍ … ففي كلّ ظهرٍ جلبة ٌ وكلومُ
تساعوا فبان ابن اللَّبون بقوّة … عليهم وفيهم جلَّة وقرومُ
يعدُّونَ فضلَ السنِّ سبقا إلى المدى … وأن المعالي شارة ٌ ووسومُ
وكم ذابلٍ ينمى بجوهرِ نفسه … فيرعى ووافى النبت وهو وخيمُ
فهلاَّ كما تكفي كفوا وتعلّموا … ليعقلَ تدبيرَ الأمور عليمُ
فقلْ لمجرِّ العجبِ فضلَ عنانه … توقَّ عضاضَ العجبِ فهو غذومُ
ظننتَ الحمى ما لم تذد عنه ضائعا … وفي الغاب أسدٌ لو علمتَ جثومُ
ستعلمُ إن شاورتَ رأيك والهوى … على البغي أيَّ الآمرين تلومُ
تبينُ فما كلّ النفوس عظائمٌ … إذا هنّ لم يدفع بهنّ عظيمُ
لقد طال باعُ الملك واشتدّ عوده … بأروعَ لم يُحلل عليه حريمُ
ومن أين تخشى خطة َ الجور أمة ٌ … وأنت لها بالصالحات زعيمُ
تقلَّب حتى عاد نفعا ضرارُها … وشقوتها بالأمس وهي نعيمُ
وقرّت رعاياه فأمست عيونها … تنام على أمّ الحمى وتنيمُ
مشى الذئبُ بين السرحِ كلُّ نصيبه … لحاظٌ يسوِّي بينها وشميمُ
ورعتَ كما آمنتَ بالعدل فاشتفى … برئٌ وأعيا أن يبلَّ سقيمُ
رأى بك ركن الدين بُلجة شمسه … غناءً ويومُ الناظرين مغيمُ
فأغمدَ قوما وانتضاك بصيرة ً … بما ينتضي من صارمٍ ويشيمُ
وأعطاك ما لا يأتلي الظنُّ يرتمي … غلوّا ولا مغلي الرجاء يسومُ
كرائمَ من سرّ الملوك مصونة ً … لها منك كفءٌ في الرجال كريمُ
فمحبوكة ٌ حبكَ السماء وسيعة ٌ … لها من أديم الباقيات أديمُ
تفرّدَ منها كلُّ لون بشعبة ٍ … من القلب تصبو نحوه وتهيمُ
كأن أخاك الغيثَ وُلِّيَ نسجها … فزهرته وسمٌ لها ورقومُ
تكاثف جنباها فلو خفَّ حملها … من التبر خلناها عليك تقومُ
ومترفة ٌ للريح رقة ُ جسمها … ومنشؤها بالقريتين جسيمُ
طغى طرفاها واستكان وسيطها … خضوعاً فمنها وابلٌ وعميمُ
تضورُ من ثقلِ النُّضارِ كأنها … بما سال في الخدين منه أميمُ
هي التاج لولا أن تسمَّى عمامة ً … مجازاً ومسميها بذاك ظلومُ
ومرصوعة ٌ بالدرِّ في موضع الحبى … لها السيف ضوءٌ والنجاد قسيمُ
يروعُ العدا ما راقَ منها كأنها … نجومٌ بها قلبُ العدوّ رجيمُ
تنطَّقتها حليا وقلِّدتَ فوقها … صقيلاً يريك البشرَ وهو شتيمُ
جرازا يصيح الموتُ من شفراته … ويرجو قضاءَ الدَّين وهو غريمُ
وهيفٌ تطاريف الدماء خضابها … وضافي كساها أعظمٌ ولحومُ
إذا فرِّجتْ بين الأصابع غادرتْ … جوانفَ لا يبنى لهنَّ هديمُ
تناطُ بمثل الشمس لونا وصبغة ً … يقيك الردى منها أصكُّ لحيمُ
وأمّ بنينَ استبطنتهم فصدرها … غصيصٌ بهم عند الحضانِ كظيمُ
يعقُّونها بالضغط وهي عليهمُ … عطوفٌ بدرّات الرَّضاع رءومُ
تخال الأفاعي الرُّقَّش ما ضمَّ منهمُ … حشاها وهم فيها أخٌ وحميمُ
فمن ذي لسانٍ مفصح وهو أخرسٌ … ومن بائحٍ بالسرِّ وهو كتومُ
لها من سبيك التَّبرِ لونٌ مورّسٌ … ووجهٌ من العاج النصيع وسيمُ
تدين العطايا والمنايا بأمرها … ويأملُ مثرٍ نفعها وعديمُ
وغضبان من جنّ المراح كأنه … عصا النبع لولا رادفٌ وحزيمُ
له عنقٌ في صفحة الجوّ شارفٌ … وذيلٌ على خدّ التراب عميمُ
تقابل في أطرافه العتقُ والتقى … عليه خؤل سبَّقٌ وعمومُ
أغرُّ تقول الفجرُ شقَّ جبينهُ … ومن لونه ليلٌ عليه بهيمُ
كأن الهلالَ بين جنبيه طالعٌ … ورصعَ الحلى من جانبيه نجومُ
ومجنونة تطوي الطريق كأنما … تنفَّسَ منها في الحزام ظليمُ
هي البرق خطوا والكثيبُ وثارة ً … وليناً وأختُ الريم أو هي ريمُ
إذا انتسبتْ لم يخزِها معَ خالها ال … كريم أبٌ في الشاحجات لئيمُ
ترى الموكبَ الجعجاعَ جلُّ سميرهِ … أحاديثُ ما يسرى بها ويقيمُ
لها منهمُ حظُّ اللسان إذا مشت … مديحا وحظُّ العين حين تقومُ
منائحُ كانت في السماء ذخيرة ٍ … لكم ومنى ً عهدى بهنّ قديمُ
لقد طال سكرُ الدهر ثم صحا بها … وسفِّه حتى اليومِ وهو حليمُ
وفتْ بمواعيد السعادة فيكمُ … وقد ملَّ ممطولٌ وكلَّ غريمُ
وبتَّ بغيظ الحاسدين فمسمعٌ … صليمٌ وأنفٌ في التراب رغيمُ
فلسنا نسوم الدهرَ فيها زيادة ً … سوى أنها تبقى لكم وتدومُ
زجرتُ لكم طيرَ الميامن قبلها … وأعلمتكم أني بذاك عليمُ
وأني وراء الغيب تطلعُ فيكمُ … بصائرُ لي معروفة ٌ وعزيمُ
ومن آيتي في الشعر أن لاعيافتي … تخيبُ ولا فالى الجريّ يخيمُ
فوفُّوه حقَّ الشعر وارعوا ذمامه … وصحبته إن اليسيرَ ذميمُ
أنا المرء لم يخبث لكم قطّ سرُّه … ولم تسلهِ عنكم رقى ً وتميمُ
على رعى واديكم يجرُّ حباله … ويشبعه غضٌ لكم وهشيمُ
فمالي وسمتُ اليومَ بالشعر وحده … وفيّ صفاتٌ غيرهُ ووسومُ
ألم أك أيامَ الهوى ليَ كلُّه … مقيما عليكم لا أكاد أريمُ
تجاذب أذيالي يدٌ منكم يداً … ويعطفكم مجدٌ عليّ وخيمُ
إذا قال قوم شاعرٌ حسبُ غرتمُ … عليّ وقلتم شاعرٌ ونديمُ
فها أنا ملقى ً في الرذايا كأنني … جليبٌ تنافاه الرُّعاة ُ كليمُ
أرى ماءَ حوضٍ كنتُ صفَّقتُ شربه … أطرَّد عنه والغرابُ تعومُ
أقولُ لنفسي كلما خفتُ يأسها … رويدك تظمى الأرضُ ثم تسيمُ
وما الغيث إلا قطرة ٌ بعد قطرة ٍ … مرشٌّ ويتلوه أجشُّ هزيمُ
لنا في كفالات الوزير غرائسٌ … ستثمرُ خيرا والكريمُ كريمُ
بلغتُ بك الآمال فابلغ بيَ التي … تحسِّنُ وجهَ الدهر وهو شتيمُ
وما بيَ إلا العزُّ فاستبقني به … وكالميت حرٌّ عاش وهو مضيمُ
ومن شرف الإعراق أن تبلغَ المدى … وأنتَ على حسن الحفاظِ مقيمُ