على دربند – محمد مهدي الجواهري

أحبَّتنا لو أُنزل الشوقُ والهوى … على قلب صخرٍ جامدٍ لتصدَّعا

خليليَّ ما أدنى الممات إلى الفتى … وأقربَ حبلَ العمرِ أنْ يتقطَّعا

ولمْ تطلُعِ الأقمارُ إلاَّ لتختفي … ولا عقربُ الساعات إلا لنُلسعا

فانْ لم يكن إلاَّ نهارٌ وليلةٌ … فما أجدرَ الإنسان أنْ يتمتَّعا

ولمَّا أبتْ أيَّمُنا غيرَ فُرقةٍ … ولم تُبْقِ في قوس التصبرُّ منزعِا

وكنَّا وفي كأس الرزايا صُبابةٌ … فما برِحتْ حتى شربناه أجمعا

نوينا فأزمعنا رحيلاً وما التوت … بنا نُوبُ الأيَّام إلاَّ لنُزمعا

نزلنا ففرَّقنا هموماً تجمَّعتْ … أبى صفو ” شمرانات ” أن تتجمَّعا

أحتىَّ لدى الجنَّاتِ أهفو إليكمُ … ويسمعني داعي الصبابة أنْ دعا

رعى الله أُم الحُسن ” دَرْبندَ ” إنَّنا … وجدنا بها روضاً من الصفو مُمرِعا

لقد سرَّنا منها صفاها وطيبَها … ولكن بكيناه جمالاً مضيَّعا

مَريعاً من الحُسن الطبيعيِّ لو سَعتْ … بنوه إلى إنعاشه كان أمرعا

قُرىٍ نظِّمتْ نظمَ الجُمانِ قلائداً … أو الدُّرِّ مُزداناً ، أو الماسِ رُصِّعا

صفوفٌ من الأشجار قابلْنَ مثلَها … كما مَصرعٌ في الشعر قابل مصرعا

نَظَمنا فأهدَينا القوافي بديعةً … وكانَ جمالُ اللهِ فيهنَّ أبدَعا

وقفتُ على النهر الذي من خريرِه … فرْعتُ من الشعر الالهيِّ مطلعا

لقد وقَّعتْ كفُّ الطبيعةِ لحنه … وشابهه في الشعر طبعي فوَّقعا