على الشمسِ من نسجِ الغمامِ ستورُ – مصطفى صادق الرافعي
على الشمسِ من نسجِ الغمامِ ستورُ … كما للغواني كلَّةٌ وسريرُ
وتحجبُ ذاتُ الحسنِ لكنَّ حسنها … يدورُ بأهلِ العشقِ حيثُ يدورُ
وبعضُ تكاليفِ الصبى يبعثُ الأسى … فكيفَ وأسبابُ الغرامِ كثيرُ
وفي كلِّ حسنٍ موضعُ الذكرِ للذي … يحبُّ فما يسلو الغرامَ ضميرُ
أراني إذا ألقيتُ للشمسِ نظرةً … كأني إلى وجهِ الحبيبِ أشيرُ
وما رقبتي للصبحِ إلا تعللاً … لعلَ طلوعَ الشمسِ منهُ بشيرُ
ولي زفراتٌ لو تجسمَ حرُّها … لأصبحَ شمساً في الفضاءِ تنيرُ
وإني ليرضيني على القربِ والنوى … إذا فاحَ منهُ في الصباحِ عبيرُ
هما خطتا ذلٍ فإما ارتوى الهوى … وإما صبرنا والكريمُ صبورُ
وأفئدةٌ الإنسانِ كُثر طباعها … وفي الناسِ أعمىً قلبُه وبصيرُ
وإني وإن لم أحتملْ أمرَ معشرٍ … فقلبي على كلِّ القلوبِ أميرُ
وإن أكُ بينَ الواجدينَ ابنَ ساعتي … فما أحدٌ بعدَ القنوعِ فقيرُ
وسيانَ إما أبلغَ لنفسَ سؤلها … كبيرٌ وإن أجللتهُ وصغيرُ
وما دامتِ الأفلاكُ في دورانها … ففيهنَّ من بعدِ الأمورِ أمورُ
وكم ليَ يومٌ دارتِ الشمسُ فوقهُ … وسارتْ عليهِ في الظلامِ بدورُ
لبستُ جناحَ اللهوِ فيهِ ولمْ أزلْ … أرفُّ بهِ حتى لكدتِ أطيرُ
ونالَ الهوى منهُ عرائسَ لذَةٍ … لها الراحُ ريقٌ والكؤوسُ ثغورُ
زمانُ كأنْ قدْ كانَ للهوِ منزلاً … فساعاتهُ للملهياتِ خدورُ
أحذنا على الدهرِ المواثيقَ عندهُ … فأيامهُ للنائباتِ قبورُ
وأحسنُ أيامِ الفتى يومَ لهوهِ … على فطرةِ الأطفالِ وهوَ كبيرُ
وإنَّ همومَ الدهرِ موتٌ لأهلهِ … فما كامَ من لهوٍ فذاكَ نشور