عذيري من عذارى من أمور – المتنبي

عَذيري مِنْ عَذارَى من أُمورِ … سَكَنّ جَوانحي بَدَلَ الخُدورِ

ومُبْتَسِماتِ هَيْجاواتِ عصرٍ … عنِ الأسيافِ لَيسَ عنِ الثّغُورِ

رَكِبتُ مُشَمِّراً قَدَمي إلَيها … وكُلَّ عُذافِرٍ قَلِقِ الضُّفُورِ

أواناً في بُيُوتِ البَدْوِ رَحْلي … وآوِنَةً عَلى قَتَدِ البَعِيرِ

أُعَرِّضُ للرّماحِ الصُّمِّ نَحرِي … وأنْصِبُ حُرّ وَجْهي للهَجيرِ

وأسري في ظَلامِ اللّيلِ وَحْدي … كأنّي مِنْهُ في قَمَرٍ مُنِيرِ

فَقُلْ في حاجةٍ لم أقْضِ مِنها … على شَغَفي بها شَرْوَى نَقِيرِ

ونَفْسٍ لا تُجيبُ إلى خَسِيسٍ … وعَينٍ لا تُدارُ على نَظيرِ

وكَفٍّ لا تُنازِعُ مَنْ أتَاني … يُنازِعُني سِوَى شَرَفي وخِيري

وقِلّةِ ناصِرٍ جُوزِيتَ عني … بشَرٍّ مِنكَ يا شَرّ الدّهورِ

عَدُوّي كُلُّ شيءٍ فيكَ حتى … لخِلْتُ الأُكْمَ مُوغَرَةَ الصُّدورِ

فلَوْ أنّي حُسِدْتُ عَلى نَفيسٍ … لجُدْتُ بهِ لِذي الجَدِّ العَثُورِ

ولكِنّي حُسِدْتُ على حَياتي … وما خَيرُ الحَياةِ بِلا سُرُورِ

فيا ابنَ كَرَوّسٍ يا نِصْفَ أعمى … وإن تَفخَرْ فيا نِصْفَ البَصيرِ

تُعادينا لأنّا غَيرُ لُكْنٍ … وتُبْغِضُنا لأنّا غَيرُ عُورِ

فلَوْ كنتَ امرأً يُهْجى هَجَوْنا … ولكِنْ ضاقَ فِتْرٌ عَن مَسيرِ