عاشقة الأسرار العلنية – غادة السمان
أيتها المرأة، ماذا تريدين؟
أريد المزيد من الأصابع
لأشير بها كلها إليك،
وأصرخ: هذا حبيبي.
أيتها المرأة، كيف بدأت؟
ولدت طبعة غير منقحة
لكتاب أحرقه جدي مرات ومرات...
ثم دفن بقاياه في الرمال والرماد..
ومنذ ألف عام وأنا أقضي عمري،
في إصدار طبعات جديدة له،
وأحاول تصحيح بعض الأخطاء..
التي اقترفوها ضد حياتي.. لضرورة الشعر..
أيتها المرأة، أين تعيشين؟
في جمهورية العنكبوت، حيث يحكمون
على العاشقة ، بالإقامة الجبرية في ثقب الباب...
محرّم علينا الإقامة داخل المهرجان
لنشارك أهل البيت تقرير مصير الأسوار
ومحرّم علينا الرحيل بعيداً خارج سماعة الهاتف..
لقد غادرت أوكار الهمس،
وأعلنت أجنحتي ضد خفاش الخرائب...
وعلى خرائط اللعنات طرت إليك
وبوصلتي الصدق المتأجج تحت الشمس...
وعلى جبيني كتبت عنوانك
وألصقت رسمك طابع بريد..
أيتها المرأة هل تحلمين؟
حلمت أننا سمكتان شفافتان
تسبحان معاً في بحر أزرق شاسع..
وعيناك ترمقانني بنظرة كالموسيقي الحنون..
وحين استيقظت، لم يدهشني أن ماء البحر
كان لا يزال يقطر من شعري..
من يقنعني بأن ما أراه في أحلامي
لا يحدث لي حقاً؟
أيتها المرأة، ما هو شعارك؟
في العجلة السلامة، وفي التأني الندامة
هكذا علّمني حبك...
أيتها المرأة، علامَ تشهدين؟
أشهد على مكتبة الجنون..
وأراها طردت صاحبها وتوّجت جرذانها وعناكبها..
وها هو خشب رفوفها،
يتحول ثانية إلى أشجار..
وها هي كتبها تقرأ جيداً وجوه القراء..
وتطرد معظمهم
وثمة كتاب يلتهمني عند نافذة الحديقة...
أيتها المرأة، هل تذكرين؟
أعجز عن استحضار حكاية حبنا وتأملها
والتحديق فيها حريقاً بعد آخر
كما أعجز عن التحديق في الشمس..
أيتها المرأة، ماذا يخيفك؟
أخاف من الأشباح، وأحزن لأنني بعد موتي
سأتحوّل إلى شبح،
وسأخيف امرأة أخرى وحيدة مثلي...
لا يوجد تعليقات حالياً