طفلان كالخوين مؤتلفان – جبران خليل جبران

طفلان كالخوين مؤتلفان … شبا وشب على الهوى القلبان

متمازجين كأنما نفسااهما … نفس لها شبحان منفصلان

يتشاطران العيش إن يحسن وإن … يخشن كما تتشاطر العينان

لبثا على هذا الوصال بريهة … ثمانقضت وتفارق الخلان

كانت أليفته وكان أليفها … فسطا النوى وتشتت الإلفان

جزعا لهذا البين حتى كان لا … يلهو بشيء ذانك الفتين

سررعان ما أنمى الجوى عقليهما … وتعلما التفكير قبل اوان

فتراسلا لا يحسنان كتابة … بالذكر وهو رسول كل جنان

وتشاكيا كل إلى آلامه … شكوى أدل على وفاء العاني

واسترسلا كل إلى آماله … بالقرب بعد تطاوح الهجران

لكنه طال البعاد وشوغلا … عن مؤلم التذكار بالحدثان

فاستودعا في معلمين لينموا … بهما على الآداب والعرفان

ولينسيا ذاك القديم من الهوى … في عشرة الأتراب والأقران

فتعلما النطق الصحيح وعودا … خط الحروف كلاهما في آن

حتى إذا رسما الكلام جرى كما … اتفقا على قلميهما لفظان

خلوان من معنى وفي قلبيهما … لهما أحب منى الحياة معاني

جمعا البلاغة كلها في اسمين قد … كتبا بلا حسن ولا إتقان

كتب الفتى سلمى وخطت يوسف ط … وغليك ما عنيا ببعض بيان

قال الفتى يا من تحلى لي اسمها … فرسمته ويداي ترتجفان

صورته وكأن صورتها بدت … فيه أراها دونه وتراني

وعبدت احرفه كرمز حاجب … صنما رآه عابد الأوثان

لكن شجاني الطرس قر بضمه … ومشوق صدري دائم الخفقان

وأغارني قلمي يصر مقبلا … تلك الحروف بملثم رنان

فحطمت شقيه توهم أن ما … عاقبته شفتان آثمتان

سلمى وم أحلى اسمها وحروفه … موصولة كقالائدالعقيان

متشابكات يرتضعن على المدى … ماء الحياة معا وهن هواني

ولو أنهن فصلن بتن أاسفا … كاليتم يفطم مرضع الولدان

يا ذي الحروف أأأنت عالمة بما … أوليته من طائل الإحسان

لو كنت منك لما فتئت منعما … أبدا بأطيب ملتقى وقران

ولما غدوت على الفراق كما أرى … روحا تهم بفرقة الجثمان

طال النوى يا منيتي سلمى فهل … زمن التنائي آذن بتداني

ما زلت ملء نواظري وخواطري … لكن شفتاي موحشتان

يا ليتنا طفلان لم نبرح كما … كنا إلى متأخر الزمان

قالوا لمثلك في المدارس سلوة … كذبوا ايسلوا كاره السلوان

بي حرقة أخفيتها عنهم كما … يخفي الرماد ذواكي النيران

سلمى العلوم جميعها في لفظة … كالعطر قطرته عصير جنان

سلمى الحياة وما النعيم مخلدا … يشرى لدى إقبالها بثواني

سأجد في طلبي فأستدني به … زمنا اصير وفي يدي عناني

فأطير من شغفي إليك تشوقا … وأبل غلة قلبي الظمآن

قالت وقد رسمت على الطرس اسمه … يامن وقفت لحبه وجداني

وحلا هواني فيه لي وصبابتي … حتى كأني قد هويت هواني

ليكن فدى لك يا أليف طفولتي … أن بت فيك أليفة الأشجان

وغدوت استجلي جمالك غائبا … من احرف نمقتها ببناني

نمقتها وكأنني صورتها … عن صورة مرسومة بجناني

سودتها ورحوفها في مهجتي … نارية كتبت بأحمر قاني

يبغي الأقارب لي هناء آتيا … بالعلم وهو لي الشقاء الثاني

أيضاع في غير الهوى عهدالصبا … والعمر من بعد الشبيبة فاني

ألنستزيد يقيننا بضلالنا … وبجهلنا نقضي أحب زمان

خلوا سبيل الطير يمرح هانئا … في جوه ويورد كل مكان

وليلحقن بإلفه وليسعدا … حينا قبيل العهد بالحزان

ههذا يسير من معان جاوزت … وسع أمريء وقد احتواها اسمان

ولربما عجزت بلاغات الورى … عما يخط بلا هدى طفلان