طفت والصبح طالبا في الجنان – جبران خليل جبران
طفت والصبح طالبا في الجنان … سلوة من نواصب الأشجان
فنفى حسنها الأسى عن ضميري … وجلا ناظري وسر جناني
ظنبق ناصع البياض نقي … ترتوي من بياضه العينان
وجفون من نرجس داخلتها … صفرة الداء في محاجر عاني
وورود كأنها ملكات … برزت في غلائل الأرجوان
وافانين من شقيق ومن فل … ومن مضعف ومن ريحان
كل ضرب شبيه سرب جميع … مفرد عن لداته في مكان
طال فيها تأملي وكأني … كنت منها في روض عين حسان
فتوخيت مشبها لأليس … بينها في صفاتها والمعاني
رسمها في سنائها وسناها … وصدى لا سمها أو اسم ثاني
فيه منها البهاء والقامة الهيفاء … واللون صورة الوجدان
والعبير الذي يحدث عما … في الضمير الأخفى بأذكى بيان
والشعاع الذي به يرى الغبي زهرا … ويريها آزاهرا في آن
فهي في الروض والنجوم قواص … وهي في الأوج والنجوم دواني
تتراءى السماء والأرض كل … في سواها وتلتقي الجنتان
إنما النرجس ابتسامة فجر … ألطفت نسجها يد الرحمن
قام في حلة البياض فكانت … ثوب روح لا ثوب جسم فاني
واستزاد الحلى سواها فجاءت … حيث زادت علائم النقصان
هكذا سر كل حي نراه … خلل الشكل باديا للعيان
فنرى أنفس الحسان حسانا … حيثما هن عن حلي غواني
ونرى أنفس الأزاهر غرا … إذ نراها عفيفة الألوان