طرِبْتُ إلى خمْرٍ، وقَصْفِ الدساكرِ، – أبو نواس
طرِبْتُ إلى خـمْـرٍ، وقَـصْـفِ الدسـاكرِ، … و منزلِ دُهْـقـانَ بها غيرِدائـرِ
بفـتيـانِ صِـدْقٍ من سَـرَاة ِ ابنِ مـالِـكٍ … وأزد عُـمــانٍ ذي العُـلَى والمفاخِـرِ
فلمّا حلَلْنَاهَا نزَلْنا بأشمطٍ، … كريمِ المحيّا، ظاهرِ الشرْكِ، كافرِ
له دِينُ قِـسّيـسٍ ، وتدبيرُ كاتـِـبٍ ، … وإطْرَاقُ جَبّارٍ، وألْفاظُ شاعِرِ
فحيّا وبيّا، ثمّ قال لنا: اربعوا … نزلتُمْ بنا رحْباً بأيْمنِ طائرِ
فقلنا له: إنّ المدامَ غذاؤنَا … وإنّا أُولُو عقلٍ، وأهْلُ بصائرِ
فجــاءَ بها قد أنهكَ الغَمْوُ جسمَها، … وأوْجعَها في الصّيْفِ حرُّ الهواجِرِ
فـقلتُ لها لمّـا أضاءَ سـناؤهَــا … على صَحْنِ كأسٍ قد علا الكفَّ زاهرِ:
أبيني لنا يا خمرُ كمْ لكِ حجّة ً؟ … فقـالت: لَحَاكَ اللهُ لستُ بـــذاكِــرِ
شهِدتُ ثموداً حينَ حلّ بها البِلى ، … وأدركت أيّـاماً لعمـْـرِوبن عـامـرِ
فقلنا: أنُسْقاها على وجْهِ أهْيَفٍ … له تِيـهُ معـشـوقٍ وشَخْـرَة ُ شــاطرِ ؟
فما زالَ هذا دأبَنا وغــذاءَنـــا ، … ثلاثينَ يوْماً معْ ليالٍ غوابِرِ
ترى عنـدنـا مـا يكـره الله كلّـهُ ، … سوى الشّرْكِ بالرّحمنِ، ربّ المشاعرِ