like-empty

كلمات

klmat.com

sun

صِبا من شاب مَفْرقه تصابص وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ

صِبا من شاب مَفْرقه تصابص وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ ... أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي

ولولا ذاك أعيا اقتضابي ... فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي

فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي ... وقد أغناكِ شيبي عن ملامي

كما أغنى العيونَ عن ارتقابي ... غضضتُ من الجفون فلست أَرمي

ولا أُرمى بطرف مستراب ... وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى

وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ ... كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ

على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب ... حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ

مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ ... وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً

بهادي المخطئين إلى الصوابِ ... ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ

بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ ... لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ

أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ ... فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً

وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب ... لك البشرى وما بشراك عندي

سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ ... وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسيم

وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ ... أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي

ولولا ذاك أعيا اقتضابي ... فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي

فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي ... وقد أغناكِ شيبي عن ملامي

كما أغنى العيونَ عن ارتقابي ... غضضتُ من الجفون فلست أَرمي

ولا أُرمى بطرف مستراب ... وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى

وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ ... كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ

على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب ... حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ

مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ ... وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً

بهادي المخطئين إلى الصوابِ ... ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ

بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ ... لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ

أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ ... فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً

وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب ... لك البشرى وما بشراك عندي

سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ ... وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي

وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ ... فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي

بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي ... إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي

فقد وَفَّيتني فيه ثوابي ... وحسبي من ثوابي فيه أني

وإياهُ نؤوب إلى مآبِ ... لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي

إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ ... فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني

إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ ... سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ

أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ ... ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ

ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ ... ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً

على عيشٍ تداعَى بانقضابِ ... أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ

ولا أقفو المُولِّي باكتئاب ... أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي

وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي ... صددن بأعيُنٍ عني نَواب

ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي ... ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ

ولكن من بِعادٍ واجتنابِ ... وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً

وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب ... وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي

بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ ... وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً

على رجلٍ فليس بمُستتابِ ... ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً

عليك بذنب غيرِك من مَتابِ ... يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ

إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ ... وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ

عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ ... فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي

ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ ... يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي

وصدُّ الغانيات لدى عتابي ... ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي

رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي ... وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ

يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ ... وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي

فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ ... وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ

سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ ... ولو أني هناك أُطيعُ جهلي

لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ ... يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ

يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب ... رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه

طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب ... فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ

ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ ... وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً

فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي ... ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْصِبا من شاب مَفْرِقُهُ تَصابِ

وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ ... أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي

ولولا ذاك أعيا اقتضابي ... فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي

فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي ... وقد أغناكِ شيبي عن ملامي

كما أغنى العيونَ عن ارتقابي ... غضضتُ من الجفون فلست أَرمي

ولا أُرمى بطرف مستراب ... وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى

وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ ... كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ

على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب ... حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ

مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ ... وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً

بهادي المخطئين إلى الصوابِ ... ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ

بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ ... لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ

أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ ... فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً

وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب ... لك البشرى وما بشراك عندي

سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ ... وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي

وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ ... فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي

بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي ... إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي

فقد وَفَّيتني فيه ثوابي ... وحسبي من ثوابي فيه أني

وإياهُ نؤوب إلى مآبِ ... لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي

إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ ... فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني

إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ ... سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ

أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ ... ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ

ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ ... ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً

على عيشٍ تداعَى بانقضابِ ... أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ

ولا أقفو المُولِّي باكتئاب ... أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي

وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي ... صددن بأعيُنٍ عني نَواب

ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي ... ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ

ولكن من بِعادٍ واجتنابِ ... وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً

وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب ... وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي

بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ ... وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً

على رجلٍ فليس بمُستتابِ ... ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً

عليك بذنب غيرِك من مَتابِ ... يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ

إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ ... وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ

عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ ... فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي

ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ ... يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي

وصدُّ الغانيات لدى عتابي ... ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي

رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي ... وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ

يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ ... وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي

فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ ... وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ

سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ ... ولو أني هناك أُطيعُ جهلي

لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ ... يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ

يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب ... رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه

طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب ... فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ

ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ ... وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً

فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي ... ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ

وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري ... إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ

فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ ... ولو من بين أطرافِ الحرابِصِبا من شاب مَفْرِقُهُ تَصابِ

وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ ... أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي

ولولا ذاك أعيا اقتضابي ... فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي

فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي ... وقد أغناكِ شيبي عن ملامي

كما أغنى العيونَ عن ارتقابي ... غضضتُ من الجفون فلست أَرمي

ولا أُرمى بطرف مستراب ... وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى

وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ ... كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ

على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب ... حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ

مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ ... وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً

بهادي المخطئين إلى الصوابِ ... ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ

بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ ... لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ

أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ ... فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً

وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب ... لك البشرى وما بشراك عندي

سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ ... وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسيه

وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ ... فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي

بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي ... إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي

فقد وَفَّيتني فيه ثوابي ... وحسبي من ثوابي فيه أني

وإياهُ نؤوب إلى مآبِ ... لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي

إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ ... فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني

إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ ... سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ

أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ ... ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ

ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ ... ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً

على عيشٍ تداعَى بانقضابِ ... أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ

ولا أقفو المُولِّي باكتئاب ... أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي

وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي ... صددن بأعيُنٍ عني نَواب

ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي ... ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ

ولكن من بِعادٍ واجتنابِ ... وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً

وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب ... وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي

بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ ... وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً

على رجلٍ فليس بمُستتابِ ... ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً

عليك بذنب غيرِك من مَتابِ ... يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ

إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ ... وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ

عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ ... فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي

ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ ... يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي

وصدُّ الغانيات لدى عتابي ... ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي

رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي ... وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ

يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ ... وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي

فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ ... وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ

سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ ... ولو أني هناك أُطيعُ جهلي

لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ ... يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ

يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب ... رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه

طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب ... فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ

ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ ... وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً

فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي ... ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ

وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما بي ... فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري

إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ ... فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ

ولو من بين أطرافِ الحرابِ ... يُذكرني الشبابَ جِنانُ عَدْن

على جنبات أنهارٍ عذاب ... تُفَيِّىء ُ ظلَّها نفحاتُ ريحٍ

تهزُّ متونَ أغصان رِضاب ... إذا ماسَتْ ذوائبُها تداعتْ

بواكي الطير فيها بانتحابِ ... يُذكرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ

ترنَّم بينها زُرقُ الذُّبابِ ... إذا شمسُ الأصائلِ عارضَتها

وقد كَرَبَتْ تَوارَى بالحجابِ ... وألقتْ جُنحَ مغْربها شُعاعاً

مريضاً مثلَ ألحاظ الكَعابِ ... يذكرني الشبابَ سَراة ُ نِهْيى ٍ

نَميرِ الماءِ مُطرِد الحَبابِ ... قَرَتهُ مُزنة ٌ بِكرٌ وأضحَى

تُرقرقُهُ الصَّبا مثلَ السّرابِ ... على حَصْباءَ في أرضٍ هجانٍ

كأن تُرابَها ذَفِرُ المَلابِ ... له حُبُكٌ إذا اطَّردتْ عليه

قرأتَ بها سُطوراً في كتابِ ... تُذكرني الشبابَ صباً بَليلٌ

رسيسُ المَسِّ لاغبة ُ الرِّكابِ ... أتت من بعدِ ما انسحبتْ مَلياً

على زَهْر الرُّبا كل انسحاب ... وقد عَبِقَتْ بها ريَّا الخُزامى

كَريّا المِسك ضُوِّعَ بانتهابِ ... يُذكرني الشبابَ وميضُ برقٍ

وسجعُ حمامة ٍ وحنينُ نابِ ... فيا أسفَا ويا جزعَا عليه

ويا حَزَنَا إلى يومِ الحساب ... أأُفجعُ بالشباب ولا أُعزَّى

لقد غَفَلَ المُعزِّي عن مُصابي ... تَفَرَّقْنَا على كُرهٍ جميعاً

ولم يكُ عن قِلَى طولِ اصطحابِ ... وكانت أيكتي ليدِ اجتناءٍ

فعادتْ بعدَهُ ليدِ احتطابِ ... أيا بُرْدَ الشبابِ لكنتَ عندي

من الحَسَنَاتِ والقِسَمِ الرِّغابِ ... بَليتَ على الزمان وكلُّ بُردٍ

قبينَ بِلى ً وبين يدِ استلابِ ... وعزَّ عليَّ أن تبْلى وأبقى

ولكنَّ الحوادثَ لا تُحابي ... لَبِستُك برهة ً لُبْسَ ابتذالٍ

على علمي بفضلك في الثيابِ ... ولوُ ملِّكْتَ صَوْنَكَ فاعْلَمنْهُ

لصنتُك في الحريز من العياب ... ولم أَلْبَسْكَ إِلاَّ يومَ فخرٍ

ويومَ زيارة ِ المَلكِ اللُّبابِ ... عبيد اللَّه قَرْمِ بني زُريقٍ

وحسبُك باسمه فَصْلَ الخطابِ ... فتى صَرُحَتْ خلائقُهُ قديماً

فليستْ بالسَّمارِ ولا الشهابِ ... ولم يُخْلَقْنَ من أَرْي جميعاً

ولكن هُنَّ من أَرْيٍ وصَابِ ... وما مَنْ كان ذا خُلُقَين شتَّى

وكانا ماجدَينِ بذي ائتشابِ ... له حِلمٌ يَذُبُّ الجهلَ عنهُ

كَذبِّ النحل عن عَسلِ اللِّصابِ ... وما جهلُ الحليمِ لَهُ بجهلٍ

ولكنْ حدُّ أُظفورٍ ونابِ ... يلينُ مُلاَيناً لمُلاينيهِ

ويَخشُنُ للمُخاشِنِ ذي الشِّغابِ ... وراءَ معاطِفٍ منهُ لِدانٍ

إباءُ مكاسرٍ منهُ صِلابِ ... كَخُوط الخيزرانِ يُريك ليناً

ويأبى الكسر من عطفيهِ آب ... موإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ

أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي ... ولولا ذاك أعيا اقتضابي

فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي ... فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي

وقد أغناكِ شيبي عن ملامي ... كما أغنى العيونَ عن ارتقابي

غضضتُ من الجفون فلست أَرمي ... ولا أُرمى بطرف مستراب

وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى ... وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ

كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ ... على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب

حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ ... مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ

وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً ... بهادي المخطئين إلى الصوابِ

ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ ... بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ

لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ ... أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ

فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً ... وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب

لك البشرى وما بشراك عندي ... سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ

وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي ... وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ

فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي ... بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي

إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي ... فقد وَفَّيتني فيه ثوابي

وحسبي من ثوابي فيه أني ... وإياهُ نؤوب إلى مآبِ

لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي ... إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ

فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني ... إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ

سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ ... أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ

ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ ... ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ

ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً ... على عيشٍ تداعَى بانقضابِ

أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ ... ولا أقفو المُولِّي باكتئاب

أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي ... وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي

صددن بأعيُنٍ عني نَواب ... ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي

ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ ... ولكن من بِعادٍ واجتنابِ

وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً ... وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب

وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي ... بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ

وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً ... على رجلٍ فليس بمُستتابِ

ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً ... عليك بذنب غيرِك من مَتابِ

يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ ... إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ

وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ ... عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ

فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي ... ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ

يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي ... وصدُّ الغانيات لدى عتابي

ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي ... رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي

وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ ... يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ

وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي ... فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ

وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ ... سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ

ولو أني هناك أُطيعُ جهلي ... لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ

يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ ... يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب

رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه ... طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب

فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ ... ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ

وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً ... فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي

ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ ... وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما بي

فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري ... إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ

فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ ... ولو من بين أطرافِ الحرابِ

يُذكرني الشبابَ جِنانُ عَدْن ... على جنبات أنهارٍ عذاب

تُفَيِّىء ُ ظلَّها نفحاتُ ريحٍ ... تهزُّ متونَ أغصان رِضاب

إذا ماسَتْ ذوائبُها تداعتْ ... بواكي الطير فيها بانتحابِ

يُذكرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ ... ترنَّم بينها زُرقُ الذُّبابِ

إذا شمسُ الأصائلِ عارضَتها ... وقد كَرَبَتْ تَوارَى بالحجابِ

وألقتْ جُنحَ مغْربها شُعاعاً ... مريضاً مثلَ ألحاظ الكَعابِ

يذكرني الشبابَ سَراة ُ نِهْيى ٍ ... نَميرِ الماءِ مُطرِد الحَبابِ

قَرَتهُ مُزنة ٌ بِكرٌ وأضحَى ... تُرقرقُهُ الصَّبا مثلَ السّرابِ

على حَصْباءَ في أرضٍ هجانٍ ... كأن تُرابَها ذَفِرُ المَلابِ

له حُبُكٌ إذا اطَّردتْ عليه ... قرأتَ بها سُطوراً في كتابِ

تُذكرني الشبابَ صباً بَليلٌ ... رسيسُ المَسِّ لاغبة ُ الرِّكابِ

أتت من بعدِ ما انسحبتْ مَلياً ... على زَهْر الرُّبا كل انسحاب

وقد عَبِقَتْ بها ريَّا الخُزامى ... كَريّا المِسك ضُوِّعَ بانتهابِ

يُذكرني الشبابَ وميضُ برقٍ ... وسجعُ حمامة ٍ وحنينُ نابِ

فيا أسفَا ويا جزعَا عليه ... ويا حَزَنَا إلى يومِ الحساب

أأُفجعُ بالشباب ولا أُعزَّى ... لقد غَفَلَ المُعزِّي عن مُصابي

تَفَرَّقْنَا على كُرهٍ جميعاً ... ولم يكُ عن قِلَى طولِ اصطحابِ

وكانت أيكتي ليدِ اجتناءٍ ... فعادتْ بعدَهُ ليدِ احتطابِ

أيا بُرْدَ الشبابِ لكنتَ عندي ... من الحَسَنَاتِ والقِسَمِ الرِّغابِ

بَليتَ على الزمان وكلُّ بُردٍ ... قبينَ بِلى ً وبين يدِ استلابِ

وعزَّ عليَّ أن تبْلى وأبقى ... ولكنَّ الحوادثَ لا تُحابي

لَبِستُك برهة ً لُبْسَ ابتذالٍ ... على علمي بفضلك في الثيابِ

ولوُ ملِّكْتَ صَوْنَكَ فاعْلَمنْهُ ... لصنتُك في الحريز من العياب

ولم أَلْبَسْكَ إِلاَّ يومَ فخرٍ ... ويومَ زيارة ِ المَلكِ اللُّبابِ

عبيد اللَّه قَرْمِ بني زُريقٍ ... وحسبُك باسمه فَصْلَ الخطابِ

فتى صَرُحَتْ خلائقُهُ قديماً ... فليستْ بالسَّمارِ ولا الشهابِ

ولم يُخْلَقْنَ من أَرْي جميعاً ... ولكن هُنَّ من أَرْيٍ وصَابِ

وما مَنْ كان ذا خُلُقَين شتَّى ... وكانا ماجدَينِ بذي ائتشابِ

له حِلمٌ يَذُبُّ الجهلَ عنهُ ... كَذبِّ النحل عن عَسلِ اللِّصابِ

وما جهلُ الحليمِ لَهُ بجهلٍ ... ولكنْ حدُّ أُظفورٍ ونابِ

يلينُ مُلاَيناً لمُلاينيهِ ... ويَخشُنُ للمُخاشِنِ ذي الشِّغابِ

وراءَ معاطِفٍ منهُ لِدانٍ ... إباءُ مكاسرٍ منهُ صِلابِ

كَخُوط الخيزرانِ يُريك ليناً ... ويأبى الكسر من عطفيهِ آبهن

يُنضنِضُ منهُ مَنْ عاداهُ صِلاّ ... من الأَصلال مَخْشيَّ الوِثابِ

إذا ما انسابَ كان لَهُ سَحيفٌ ... يَميرُ الحارشينَ مِنَ الضِّبابِ

يُميتُ لُعابُهُ من غير نهشٍ ... وأدنى نفثِهِ دون اللُّعابِ

وذلك منه في غير ارتقاءٍ ... ظهورَ الموبِقَاتٍ ولا ارتكابِ

إليه يشار أيُّ رئابِ صدعٍ ... إذا ما الصدعُ جَلَّ عن الرئابِ

يُضيء شِهابُهُ في كلِّ ليلٍ ... فتنجابُ الدجى أيَّ انجيابِ

إذا ما الخُرْتُ لم يسلكْهُ خِلْفٌ ... تَغَلْغَلَ فيهِ ولاَّجُ الثقابِ

وليس بوالجٍ في الخُرْتِ إِلاَّ ... مُمِرُّ الخلقِ سُلِّكَ لانسرابِ

غدا جبلاً جبالُ الأرضِ طُرّا ... تضاءَلُ تحته مثلُ الظِّرابِ

يُلاذُ بمعقل منه حريزٍ ... ويُرعى حوله أَثرى جَنابِ

ثِمالاً للأَراملِ واليتامى ... يثوبُ الناسُ منهُ إلى مَثَابِ

بساحتِهِ قدورٌ راسياتٌ ... تُفارِطها جِفانٌ كالجوابي

له نارانِ نارُ قِرى وحربٍ ... ترى كلتيهما ذاتَ التهابِ

عجبتُ ولستُ أبرحُ مَنْ نداهُ ... طوالَ الدهرِ في أمرٍ عُجابِ

له عزٌّ يُجيرُ على الليالي ... ومالٌ مُستباحٌ كالنهابِ

وأعجبُ منه أنَّ الأرضَ سالتْ ... بصوبِ سمائه إلاَّ شِعابي

فقولا للأميرِ وإنْ رآني ... بمَزْجر ما يُهانُ من الكلابِ

أَما لي منْ دُعاءٍ مُستجابٍ ... لديك مع الدُّعاءِ المستجابِ

أظلَّ سحابُ عُرفِك كلَّ شيءٍ ... ودرَّ على البلادِ بلا عصابِ

سوايَ فإنني عنهُ بظَهيرٍ ... كأني خلفَ مُنقطِعِ الترابِ

يجودُ بسيْبِهِ أبداً لغيري ... ويخلُبني ببرقٍ غير خابي

أَما لي منهُ حظٌّ غيرُ برقٍ ... تُشبِّهه العيونُ حريقَ غابِ

أبيتُ أَشيمُهُ وأذودُ نومي ... ويُرزَقُ صوبَهُ أَقصى مصابِ

سقيتَ الواردين بلا رشاءٍ ... كدجلة َ مدَّها سيلُ الروابي

وأدليتُ الدِّلاءَ فلم تَؤُبْ لي ... بملءٍ من نَداك ولا قُرابِ

هَباً لي ما لِقَدْحي يُوري ... ألم أَقدَحْ بزندٍ غير كابِ

لقد أيقنتُ أني لم يُقصِّرْ ... تخَيُّرْيَ الزّنادَ ولا انتخابي

ألم تَسبِقْ جياديَ خارجاتٍ ... بخَرَّاجٍ من الضِّيَقِ الهوابي

فما للتَّالياتِ لديك تحظَى ... بحظِّ سوابقِ الخيلِ العِراب

أتحرُمني لأني مستغِلٌ ... وأني لستُ كالرَّزْحى السِّغابِ

فما تحمي ذواتُ الدَّرِّ دَرَّا ... إذا صادفْنَ مَلآنَ الوِطابِ

ولا تختصُّ بالحَلَبِ العيامَى ... إذا الحُلاَّبُ قاموا بالعِلابِ

ولكن لا تزالُ تَدُرُّ عفواً ... لكلِّ يدٍ مَرتْهَا لاحتلابِ

وما يطوي العمارَة َ كلُّ غيثٍ ... إلى الأرض المعطَّلة ِ اليبابِ

ولكن لا يزال يجودُ كُلاًّ ... بجَوْدٍ أو بَوبْلٍ ذي انسكابِ

لإحياء التي كانت مَواتاً ... وحفِظ العامرات من الخرابِ

وإن أكُ من نداهُ على صعودٍ ... فإني من نداك على انصبابِ

فلا تَضَعَنَّ رِفدَك دون قدري ... فليس يفوتُ بسطَتَك انتصابي

وما سيْبُ الأميرِ بسيلِ وادٍ ... يُقصِّر أن ينَال ذرا الروابي

وظنِّي أنه لو كان سيلاً ... لعلَّمه التوقُّلَ في العِقاب

لقد رجَّيْتُ في عملي رجاء ... فلا أصدُر بلا عملٍ مُثاب

ولا يكنِ الذي أمَّلْتُ منهُ ... كرقراقِ السّراب على الحدَاب

ولا كرمادٍ اشتدت رياحٌ ... به عُرْضَ الصِّحَاصح فَهْوَ هاب

كأني أَدَّري بنداك صيداً ... يُباعدُهُ دُنُوِّي وارتقابى

لذاك إذا مررتُ وتلك تَشفي ... من الحسَّاد أو صابَ الوِصَابِ

تشير إليَّ بالمحروم أيدٍ ... كأيدي الناس في يوم الحصابِ

تَطاول بي انتظارُ الوعدِ جدَّاً ... ورَيبُ الدهرِ يؤذِنُ بانشعابِ

فيا لكِ حسرة ً إن أحتقبْها ... إلى جَدَثي فيا سوءَ احتقابي

وكان الوعدُ ما لم تُعطنيه ... يدُ الإنجازِ شرَّ حِباءِ حابِ

أعوذ بطيب خِيمِكَ من مِطالٍ ... حماني ورد بحرِك ذي العُبابِ

وما هذا المطال وليس عهدي ... بنفسك من قرائنك الصعابِ

يروضُ النفسَ من صَعُبتْ عليه ... ولم تكُ في الندى طوعَ الجِنابِ

وأنت كما علمت قرينُ نفسٍ ... تُطيعك في السماح بلا جِذابِ

فمن أيِّ الثنايا ليتَ شعري ... أتاني المطلُ أم أيِّ النِقَابِ

أفكِّر في نِصابٍ أنت منه ... فيُغْلَقُ دون عذرِك كلُّ بابِ

وكم في الناس من رجلٍ مَليمٍ ... يقوم بُعذرهِ لؤْمُ النِّصابِ

ألستَ المرءَ لا عزمٌ كَهامٌ ... ولا بخلٌ إليه بذي انتسابِ

تجودُ بنانُهُ والغيثُ مُكْدٍ ... ويمضي عزمُهُ والسيفُ نابِ

أَلستَ المرءَ يَجْبِي كلَّ حمدٍ ... إذا ما لم يكنْ للحمدِ جابِ

تُوائلُ من لسان الذمّ رَكْضاً ... وتَثْبُتُ للمهنَّدة ِ العِضابِ

تُظاهِرُ دونَ عرضِكَ كلَّ درعٍ ... تُظَاهرُ للطِّعانِ وللضرابِ

نَعُدُّ مَعايباً للغيثِ شتَّى ... وما في جودِ كفّك من مَعابِ

وجدنا الغيثَ يهدِمُ ما بنينا ... سوى الخِيمِ المُبدَّى والقِبابِ

ويمنعنا الحَرَاكَ أشدَّ منعٍ ... وإلا سامنا حَطْمَ الرقابِ

ويحتجبُ الضياءُ إذا سقانا ... وما ضوءٌ بجودك ذو احتجابِ

وفضلُ جَداك بعدُ على جداهُ ... مُبينٌ لا يُقابَلُ بارتيابِ

تَجُودُ يداك بالذهبِ المُصفَّى ... إذا ما الغيثُ عَلَّل بالذِّهابِ

وجودك لا يُغِبُّ الناسَ يوماً ... وجودُ الغيثِ تاراتُ اعتقابِ

وتتفقان في خلقٍ كريمٍ ... فَتَشْتَرِكَانِهِ شِرْكَ الطِّيابِ

تجودان الأنام بلا امتنانٍ ... بما تُستمطَران ولا احتسابِ

فعِشْ في غبطة ٍ ونعيم بالٍ ... ومُلْكٍ لا يَخَافُ يدَ اغتصابِ

وآخِرُ خُطْبة ٍ لي فيك قولي ... وليس عتابُ مثلك بالغِلابِ

بمهما شئْتَ دونك فامتحنِّي ... فإنك غايتي والصَّبْرُ دابي

وليس لأنني سُدَّتْ سبيلي ... ولا عَجَزَ اصطرافي واضطرابي

ولكني وما بي مدحُ نفسي ... أرى عاب التكذُّب شرَّ عابِ

وإن جاوزتُ مدحَك لم يزل بي ... تكذُّبي المدائحَ واجتلابي

متى أَجدُ المدائح ليتَ شعري ... تُواتي في سواك بلا كِذابِ

وبعدُ فإنَّني في مَشْمَخرٍّ ... عصائبُ رأسهِ قِطَعُ الضَّبَابِ

أحلَّتْنِيهِ آباءٌ كرامٌ ... بتيجانِ الملوكِ ذوو اعتصابِ

فكيف تنالني كفٌّ بنيْلٍ ... وليس تنالني كفُّ العُقابِ

أَكُفُّ الناسِ غيرَك تحت كفِّي ... وقابُ الناس غيرك دون قابي

تعالتْ هضبتي عن كلِّ سيلٍ ... وفاتتْ نبعتي نَضْخَ الذِّنابِ

فليس ينالني إلا مُنِيلٌ ... يُطلُّ عليَّ إطلال السحابِ

وما كانت أصولُ النَّبْعِ تُسْقَى ... معاذ اللَّه من قَلَص الجِبَابِ

فذلك عاقني عن شَدِّ رحلي ... وعن عَسْفي المهامِة َ واجتيابي

ولولاهُ لما حنَّتْ قِلاصي ... إلا وطن لهنَّ ولا سِقَابِ

ولا أرعتْ على عَطَنٍ قديمٍ ... ولا حفِلتْ بِنَأْيٍ واغترابِ

ولا ألفتْ مُقَلْقِلَهَا بخيلاً ... بحسراها على غَرْثَى الذئابِ

ولا بَرَحَتْ تَقَدُّ الليلَ قدَّا ... بأعناقٍ كعيدانِ الخصابِ

فما سَرَتِ النجومُ سُرَايَ فيهِ ... ولا انسابتْ أفاعيهِ انسيابي

إذاً ولراعَت الصيرانَ عَنْسي ... بحيث تُشَقُّ عنهن السوابي

وعامت في دَهاسِ الرَّملِ عوماً ... وإن عرضتْ عَوَانِكُها الحوابي

ولو أني قطعتُ الأرض طولاً ... لكان إليك من بعدُ انقلابي

إذا كنتَ المآبَ ولا مآبٌ ... سواك فأين عنك بذي الإيابِ

سأصبر موقناً بوفور حظي ... وأجرُ الصابرين بلا حسابِ

ومهما تَبَّ من عملٍ وقولٍ ... فما عملُ ابنِ مدحِك للتَّبابِ

like-empty

كلمات ابن الرومي

جاري التحميل...