سَفهاً، إذا شُقّتْ عليكَ جُيوبُ، – صفي الدين الحلي
سَفهاً، إذا شُقّتْ عليكَ جُيوبُ، … إنْ لم تشقّ مرائرٌ وقلوبُ
وتملقاً سكبُ الدموعش على الثرى … إنْ لم يُمازِجها الدّمُ المَسكُوبُ
يا حمزة َ الثاني الذي كادتْ لهُ … صمُّ الجبالِ الراسياتِ تذوبُ
إن ضاعَ ثارُكَ بينَ آلِ محاسنٍ، … تلكَ المحاسنُ كلّهنَ عيوبُ
لم أبكِ بالحزنِ الطويلِ تملقاً، … حزني عليكَ وقائعٌ وحروبُ
فلأبكِيَنّكَ بالصّوارِمِ والقَنا، … حتى يحطَّمَ ذابلٌ وقضيبُ
لايأملنّ بنو أبي الفضلِ البقا، … إنّ الفَناءَ إلَيهِمُ لقَريبُ
ووَراهمُ من آلِ سِنبِسَ عصبَة ٌ … مُرْدٌ، وشُبّانٌ تُهابُ، وشِيبُ
قومٌ، إذا غضِبوا على صرفِ القَضا، … جاءَ الزّمانُ من الذّنوبِ يَتوبُ
وإذا دُعوا يوماً لدَفعِ مُلِمّة ٍ، … بسموا وفي وجهِ الزمانش قطوبُ
إن خوطبوا، فحديثهم وخطابُهم … خَطبٌ وفي يومِ الجِدالِ خَطيبُ
فليبكينكَ طرفُ كلّ مثقفٍ … يُزهَى بحَملِ سِنانِهِ الأُنبوبُ
يبكيكَ في يومِ الهياجِ بأعينٍ … خُزرٍ، مَدامِعُها الدّمُ المَصبوبُ
والصّبحُ لَيلٌ بالعَجاجِ، وقد بَدا … بالبِيضِ في فَودِ العَجاجِ مَشيبُ
ولقد رَضيتَ بأنْ تَعيشَ مَنزَّهاً، … لا غاصباً فيها، ولا مغصوبُ
في منصبٍ، للهِ فيهِ طاعة ٌ … تُرضي، وللفقراءِ فيهِ نَصيبُ
ستثيرُ ثاركَ، يا ابنَ حمزة َ، عصبة ٌ … شُمّ الأُنوفِ إلى القِراعِ تَثوبُ
نُجَباءُ من آلِ العَريضِ، إذا سطوا … يوماً، أفادوا الدّهرَ كيفَ ينوبُ
سمعَتْ بمصرَعِكَ البلادُ فأرجفتْ، … وتَواتَرَ التّصديقُ والتّكذيبُ
وبكَى لرُزئِكَ صَعبُها وذَلُولُها، … وشكا لفقدكَ شاتُها والذيبُ
تبكي العتاقُ، إذا نعتكَ عواتقٌ، … ويَحِنّ بَينَكَ إذْ أبانَ النُّوبُ
فجعتْ بك الدنيا، فلا وجهُ العُلى … طليقٌ، ولا صدرُ الزّمانِ رحيبُ
يا شمسَ أفقٍ لم يكنْ من قبلِها … للشمسِ في طيّ الصعيدِ غروبُ
إنْ غيبتْ تلكَ المحاسنُ في الثرى … فجميلُن ذكركَ في البلادِ يجوبُ
حزتَ المحامدَ بالمكارمِ ميتاً، … فغَدا لكَ التأبينُ لا التأنيبُ
فابشرْ، فإنكَ بالثناءِ مخلدٌ، … ما غابَ إلاّ شخصُكَ المحجوبُ
حيّا الحيا جدثاً حللتَ بتربِه، … حتّى تعطرَ نشره، فيطيبُ
لا زالَ تبكيهِ عيونَ سحائبٍ، … للبرقِ في حافاتِهنّ لهيبُ
تهمي عليهِ للسحابِ مدامعٌ، … فتشقّ فيهِ للشقيقِ جيوبُ