سليمُ الزمان كمنكوبِهِ – ابن الرومي
سليمُ الزمان كمنكوبِهِ … وموفورُهُ مثلُ محروبِهِ
وممنوحهُ مثلُ ممنوعِهِ … ومكسوُّه مثلُ مسلوبِهِ
ومحبوبُهُ رَهْنُ مكروهِهِ … ومكروهُهُ رهنُ محبوبِهِ
ومأمونُهُ تحت محذورِهِ … ومرجوّهُ تحت مرهوبِهِ
وريبُ الزمان غداً كائنٌ … وغالبُهُ مثلُ مغلوبِهِ
فلا تهربنَّ إلى ذِلَّة ٍ … ذليلُ الزمانِ كمنكوبِهِ
أمَا في الزمان فتى ً ماجد … ينفِّسُ كربة َ مَكْرُوبِهِ
سأستُر نفسي أجادَ اللئي … مُ أم ضنَّ عنّي بموهوبِهِ
فَحَظِّي وإن كنتُ مغصوبَهُ … فَسِتْرِيَ لستُ بمغصوبِهِ
ويَنْبُوتِ أرضٍ ترى شوكَهُ … يُطيلُ حماية خَرُّوبِهِ
ترفعتُ عن لؤْم مَجنِّيهِ … بنفسي وعن لؤم محطوبِهِ
وآكِلُ أطعمة ِ الأدنيا … ءِ رهن بأن يستخفُّوا بِهِ
ألم تَرَ صاحبَهُمْ لا يزا … لُ فيهم شقياً بمصحوبِهِ
إذا امتاحهم أكْلَة ً عبَّدُو … هُ تعبيدَ ربٍّ لمربوبِهِ
يخالون أنهمُ بَلَّغُو … هُ بالقوتِ أفضلَ مطلوبِهِ
وأنَّهمُ حرسوا نفسَهُ … بِهِ من غوائلِ مرهوبِهِ
يُذيل مُضيفُهُمُ ضيفَهُ … كملبوسِهِ وكمركوبِهِ
فلا يُؤتِغَنَّ امرءُ عرضَهُ … لمأكولِهِ ولمشروبِهِ
ولا يلتمسْ من خسيسِ الرجا … لِ ما خسَّ من فضلِ مكسوبِهِ
كملتمسٍ من خسيسِ الجذو … عِ قَطْرَ إهالة ِ مصلوبِهِ
ووغدٍ وهبتُ له حُكْمَهُ … وأملتُ منكودَ موهوبِهِ
فكنتُ كعابِدِ منحوتِهِ … ومسترزقٍ رزقَ منصوبِهِ
ولو قد ألحَّ عليه الهجا … ءُ جَرْجرَ من عضِّ كَلُّوبِهِ
ولمَّا غدا كلُّ هذا الورى … وممدوحُهُ مثلُ مندوبِهِ
مدحتُ إلهاً جميلَ الثنا … ءِ مصدوقُهُ غيرُ مكذوبِهِ
ألا يا فراسي خذها إلي … ك من ثاقب الحدّ مشبوبِهِ
حليمٍ تَعَوَّذُ من جهلهِ … إذا ما حُصِبْتَ بِشُؤُبوبِهِ