سلام على الإغريق في أول الدهر – جبران خليل جبران

سلام على الإغريق في أول الدهر … وحفاظ ما أبقوا من المجد والذكر

إذا نكبات الحرب أفنت صفوفهم … فما نكبوا بالمحمدات ولا الفخر

جلا بأسهم في الذود أروع ما رأى … من البأس جبار رمى القل بالكثر

وهيهات أن عانى مليك وأمة … عناءهم من ضنك عيش ومن ضر

شباب لقوا أهوال كل كريهة … ولم يتقوها بالخيانة والغدر

وشيب وأطفال أجيعوا وأظمئوا … وذاقوا بلا شكوى أذى البرد والحر

ونسوة خير بدلت من نعيمها … جحيما فكانت من ملائكة البر

أولئك قوم لا تنال نفوسهم … وقد بنيت تلك النفوس على الصبر

وقد قشعت أعداؤهم عن ديارهم … وردت إلى الأحرار في الوطن الحر

أتغدو مقرا لضباب سماؤهم … وقدما هي المرآة للشمس والبدر

وما خلقت لما يخلب النهى … من النحت والتصوير والنظم والنثر

ومن حكمة ما زالت المصدر الذي … صفا حوضه المورود للقلب والفكر

ومن عزة قعساء أبلوا لصونها … بلاء أباه الضيم في الكر والفر

يحن إليها قلب كل مثقف … ويأسى لما تلقى من البؤس والفقر

لقد أثبتت في العصر فالعصر أنها … مولدة الأبطال في العصر فالعصر

وأم لأحلاس الحروب وأمة … خليق بها أن تتبع النصر بالنصر

وأن تعدل الأيام حتى تعيدها … إلى ملكها المبسوط في البحر والبر

هنيئا لها ما أدركت بجهادها … وماذا بلت في جهدها من هوى مصر

فما الجيرة الأخيار إن جد جدهم … بناسين ما بين البلادين من أصر

إليكم بني الإغريق مني تحية … تغني بها قلبي ورجعها شعري