سلامٌ على منْ لم يحلّ بمهجتي – الهبل

سلامٌ على منْ لم يحلّ بمهجتي … سواهُ ولم يملكْ سواه قيادي ؛

ومن حبهُ راسٍ بقلبي ومن به … غرامي مهما عشتُ ؛ لا بسعادِ

ومن لم أزلُ مذْ غبتُ عنهُ مدلهاً … قرينَ صبابتِ حليفَ سهادِ .

أبيتُ سميراً للنجومِ كأنما … فراشي محشيُّ بشوكِ قتادِ ؛

عسى الله بعد البين يجمعُ شملنا … على رغم حسادٍ وغيظ أعادي ؛

وأشفي فؤادي يا حبيبي بنظرة ٍ … إليك فقد أضناه طول بعادي ؛

ألمتْ ؛ فهاجتْ لوعة ً بفؤادي … وزادتْ غراماً أدمعي وسهادي ؛

بيوتٌ بها أقوتْ بيوتُ تجلدي … وقامَ اصطباري بالرحيل ينادي .

هي السحرُ أو كالسحرِ فعلاً ؛ فمذْ أتتْ … أقصضَ لشوقي مضجعي ووسادي ؛

تذكرني عهداً لنا ومنازلاً … سقاها من الوسميّ صوبَ عهادِ .

فأحللتها من ناظريّ ومهجتي … سويداء قلبي أو سوادَ سوادي .

فيا باعثاً لي الوجد في طيّ مهرقٍ … رويدك ما قلبي الشجي بجمادِ .

ويا مالكاً رقيّ بنعماه دائماً … فكم نعمٍ عندي لهُ وأيادي

أيادٍ لعمري أهملتْ ذكرَ حاتمٍ … و كعب الندى في طيءٍو إيادِ

ويا ماجداً أعطيته عهد صحبتي … وأصفيته في الغيبِ محضَ ودادي .

أتحسبُ أني بعدَ بعدكِ سالياً … يطيبُ معاشي أو يلذّ رقادي

أبى البينُ إلاّ أن أرى فيك لابساً … ليالي أحزاني ثيابَ حدادِ ؛

فغادٍ من الدمع الهتونِ ورائحٌ … وخافٍ من الشوقِ الشديد وبادي ؛

ولو أنني سافرتُ شرقاً ومغرباً ؛ … لما كانَ إلاّ طيب ذكركَ زادي ؛

فراقكَ أشجاني وهدّ قوايَ ؛ لا … تغني هزاز أو ترنمُ حادي ؛

ولا الغادة ُ الهيفا لها بينَ شبهها … من المائسات الناعمات تهادي ؛

ولاَ الأهيفُ الفتانُ يعبث قده … وناظره الساجي بكلّ فؤادِ ؛

ولا القرقفُ الصهباء حثتْ كؤوسها … أكفُّ مهيً هيفِ الحضورِ خرادِ

أخي ونصيري في النوائب والذي … أناديه للأحداث حينَ أنادي

فدى ً لكَ أهلي الأقربون ومعشري … وما يبدي منْ طارفٍ وتلادِ

أتتني منْ تلقاء سوحك قطعة ٌ ؛ … بنفسي سوحٌ قدْ حللتَ ونادي ؛

هيَ الروضُ بلْ أبهى منَ الروضِ بهجة ً ؛ … إذا جادهُ أكفِّ غوادي

بعثتَ بها من سوحِ نعمة ِ خالقي .. … على حاضرٍ في العالمين وبادي .

عماد الهدى ربّ العلى هادي الورى … إلى خير منهاج وقولِ سداد .

أدام إلهُ العرش فينا ظلالهُ … وأبقاهُ للإسلام خيرَ عمادِ

وقد بعثَ العبد الجواب تجارياً ؛ … وإن كانَ يكبو عنْ مداك جوادي ؛

فخذْ من جوابي النزر ما كان حاضراً … وأنتَ إذاً أندى ؛ لأنك بادي ؛

وعذراً ؛ فقد قابلتُ دركَ بالحصى … وساجلتُ بحراً زاخراً بثمادِ ؛

فأغضِ وسامحْ منعماً عن قبيح ما … بدا لكَ من عيبٍ به وفسادِ

فأنتَ الذي قدتَ القوافي طوائعاً … وغيرك لم تنقدْ لهُ بمقادِ ؛

وأنتَ الذي جليتَ في حلبة ِ العلى … على كلّ جحجاحٍ طويل نجادِ ؛

على أنني قد صرتُ بعدك أعجماً … وإن كنت أزرى لهجة ً بزياد

لدهرٍ رماني بالمصائب صرفه … وأضنى فؤادي خطبه المتمادي

أطالَ حروبي بالمضرات والأذى … ولا طول حربِ الحرث بن عباد

يحاولُ إهمالي وإسقاطَ رتبتي … ويسعى حثيثاً في خمود زنادي .

وثقل ديونٍ للورى يا بن ناصرِ … يراوحني همي بها ويغادي

ملأنَ فؤادي بالأسى وسلبنني … رقادي وملكنَ الرجال قيادي

فأصبحتُ رهناً في أزال لأجلها … وغير أزال بغيتي ومرادي ؛

وإن كان فيها منشأي وولادتي … ومسقط رأسي ؛ فهي غير بلادي ..

وما بلدي إلاّ الذي فيه أغتدي … وعرضي مصونٌ عن مقال أعادي ؛

بلادٌ بها لا أختشي الذلّ إن غدت … عليَّ لأحداثِ الزمان عوادي ؛

أأقعدُ في قومٍ أرى الشعر بينهمْ … يباعُ ببخسٍ ظاهرٍ وكسادِ

لنبهتهمْ بالمدحِ للجودِ والندى … وقد ملئتْ أجفانهم برقادِ .

وحركتهم بالشعرِ في كلِ ساعة ٍ … فتحسبني حركتُ صخرة َ وادي ؛

فلم ألقَ من نظم القريض سوى عناً … وشغلة أوقاتٍ وطول سهادِ

فلا كانتِ الأمداحُ من شافعٍ ؛ ولا … جرى قلمٌ في كتبها بمدادِ ..

أرومُ بها نيل السعادة ِ والغنى … وقد أشبهتْ نحساً ليالي عادِ ؛

وأوردُ فكري كلَّ بحرٍ غطمطمٍ … فيصدر حرانَ الجوانحِ صادي .

لعلَّ الليالي أن تمنَّ برحلة ٍ … إلى أصيدٍ رحب الفناء جوادِ ؛

من البدوِ تذكى للملمين ناره … ترى حوله منها جبالَ رمادِ

يفيضُ على العافينَ نائل كفهِ ؛ … فمنْ إبلٍ مزمومة ٍ وجيادِ ؛

وما المرؤ إلاّ منْ يؤمله الورى … لقتل عداة ٍ أولبذلِ عتادِ ؛

وعش ما دعى للهِ داعٍ من الورى … وناداهُ للكرب العظيم منادي ؛

وأسأله من فضله جمعَ شملنا .. … وأنْ لا قضى ما بيننا ببعادِ .