سفرت أميمة ليلة النفر – ابن معصوم المدني

سفرت أميمة ليلة النفر … كالبدرِ أوْ أبهى من البَدرِ

نزلت مِنى ً ترمي الجمارَ وقد … رمت القلوب هناك بالجمر

وتنسكت تبغي الثواب وهل … في قتل ضَيفِ الله من أجْرِ

إن حاولت أجراً فقد كسبَتْ … بالحجِّ أضعافاً من الوِزْرِ

نحرَتْ لواحظُها الحجيجَ كما … نحرَ الحجيجُ بَهيمَة َ النَّحرِ

ترمي وما تدري بما سفكت … منها اللواحظ من دمٍ هدر

الله لي من حب غانية ٍ … ترمي الحشا من حيث لا تدري

بيضاء من كعبٍ وكم منعت … كعبٌ لها من كاعبٍ بكر

زعمت سلوي وهي سالية ٌ … كلا ورب البيت والحجر

ما قلبها قلبي فأسلوها … يوماً ولا مِن أمرها أمري

أبكي وتضحَكُ إن شكوتُ لها … حد الصدود ولوعة الهجر

وعلى وُفُورِ ثرايَ لي ولها … ذل الفقير وعزة المثري

لم يبقي مني حبها جلداً … إلاَّ الحنينُ ولاعجَ الذِّكرِ

ويزيدُ غليَ الماءِ ما ذُكرَتْ … والماء يثلج غلة الصدر

قد ضل طالب غادة ٍ حميت … في قومها بالبيض والسمر

ومؤنِّبٍ في حبِّها سَفَهاً … نهنهته عن منطق الهجر

يزدادُ وَجْدي في ملامَتِهِ … فكأنَّه بمَلامِه يُغري

لا يكذبن الحب أليق بي … وبشيمتي من سبة الغدر

هيهات يأبى الغدر لي نسبٌ … أُعْزى بهِ لِعليٍّ الطُّهرِ

خيرِ الورى بعدَ الرَّسولِ ومَن … حاز العُلى بمجامعِ الفَخرِ

صنو النبي وزوج بضعته … وأمينِه في السِّرِّ والجَهْرِ

إن تنكر الأعداء رتبته … شَهِدت بها الآياتُ في الذِّكرِ

شكرت حنين له مساعيه … فيها وفي أحدٍ وفي بدر

سَلْ عنه خيبرَ يومَ نازَلَها … تنبيك عن خبرٍ وعن خبر

من هَدَّ منها بابَها بيَدٍ … ورمى بها في مهمهٍ قفر

واسألْ براءَة َ حين رتَّلها … من رد حاملها أبا بكر

والطيرَ إذْ يَدعو النبيُّ له … من جاءه يسعى بلا نذر

والشمس إذ أفلت لمن رجعت … كيما يقيم فريضة العصر

وفراشَ أحمدَ حين همَّ به … جمعُ الطُّغاة وعصبة ُ الكفر

من باتَ فيه يَقيهِ مُحتِسباً … من غير ما خوفٍ ولا ذُعْرِ

والكعبة الغراء حين رمى … من فوقها الأصنام بالكسر

من راحَ يَرفعُه ـ ليَصْعَدَها ـ … خيرُ الوَرى منه على الظَّهرِ

والقومَ من أرْوى غليلَهُمُ … إذ يجأرون بمهمهٍ قفر

والصخرة الصماء حولها … عن نهر ماءٍ تحتها يجري

والناكثين غداة أمهم … من رد أمهم بلا نكر

والقاسطين وقد أضلهم … غي ابن هند وخدنه عمرو

من فلَّ جيشَهُمُ على مَضَضٍ … حتى نجوا بخدائع المكر

والمارقين من استباحهم … قتلاً فلم يفلت سوى عشر

وغديرَ خُمٍّ وهو أعظمُها … من نال فيه وِلاية َ الأمرِ

واذكر مباهلة النبي به … وبزوجه وابنَيْه للنَّفْرِ

واقرأ وأنفُسَنا وأنفسَكُمْ … فكفى بها فخراً مَدى الدَّهر

هذي المكارم والمفاخر لا … قعبان من لبنٍ ولا خمر

ومناقبٍ لو شئتُ أحصُرها … لحصِرْتَ قبل الهمِّ بالحَصْرِ

وإلى أمير المؤمنين سرت … تبغي النجاحَ نجائبُ الفكرِ

من كل قافية ٍ مهذبة ٍ … خلَصَتْ خلوصَ سبيكة التبرِ

ترجو بساحتِه لمُرْسِلِها … محو الذنوب وحطة الوزر

ومطالبٍ شتَّى ستجمعُها … بالنجح منه عوائد البر

يا خير من أم العفاة له … في الدَّهر من بَرٍّ ومن بحرِ

إني قصدتك قصد ذي أملٍ … يرجوك في علن وفي سر

لتردَّ عنِّي كلَّ فادحة ٍ … وتفكَّ من قَيد الأسى أسْري

فلقد ترى ما طال بي أمداً … من فادح اللأواء والعسر

فاسمحْ بنُجحِ مآربي عَجِلاً … وامنن بما يعلو به قدري

وسعادة ُ الدَّارين أنت لها … فلقد جعلتك فيهما ذخري

وإليكها غراء غانية ً … رامت بمدحك أكرم المهر

نظمتْ قريحتَي الكلام لها … نظمَ الصَّناعِ قَلائدَ الدُرِّ

قد أعجزت ببديع مدحتها … أهلَ البَديع وصاغة َ الشِّعرِ

جلَّت بوصفِكَ عن مُعارضة ٍ … بالعَصْر بل في سالف العَصْرَ

لولا مديحُكَ صانَها شرفاً … عُدَّتْ لرقَّتها من السِّحرِ

ثم الصَّلاة ُ مع السلام على … خيرِ الهُداة ِ وشافِعِ الحَشْرِ

وعليك يا من حاز كل علاً … وعلى بنيك الأنْجُم الزُّهرِ

ما لاح وسط أريكة ٍ قمرٌ … أوْ ناحَ فوقَ أراكة قُمْري