سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَهْ – أحمد شوقي
سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَهْ … وقائِدٌ يَهديهِ للسعادهْ
لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُ … والله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ
فإن تشأ فهذه حكايهْ … تعدُّ في هذا المقامِ غايهْ
كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْ … لم تسلُ يوماً لذة َ البطالهْ
واشتهرتْ في النمل بالتقشُّف … واتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ
لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُ … فالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ
والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّ … ونملتي شقَّ عليها الدأبُ
فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِ … وجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ
تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْ … تنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ؟
لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِ … ومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ
فصاحتِ الجاراتُ: يا للعارِ … لم تتركِ النملة ُ للصرصارِ
متى رضينا مثلَ هذي الحالِ؟ … متى مددنا الكفَّ للسؤالِ؟
ونحن في عين الوجودِ أمَّهْ … ذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّهْ
نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُ … عن بعضِه لو أَنها نِمالُ
أَلم يقلْ من قولُه الصوابُ: … ما عِندنا لسائلٍ جَوابُ؟
فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِ … نرى كمالَ الزهدِ أن تصومي