رثاء القطيع – بدر شاكر السياب

لقد حدثوني بموت القطيع … فشدت على القلب كف الألم

رأيتك تبكين بين الثرى … و تستصرخين رعاة الغنم

و حولك سرب من الراعيات … يخففن عنك الضنى و السأم

أما أرقت عين هذا التراب … دموع لها فوقه منسجم

من الأعين الحور ينبوعها … فهل تصبح اليوم تحت القدم

لقد زوقت تحت أيدي الأصيل … سفوح الروابي بظل القمم

و قد حوم النوم حول الغدير … فما بال أزهاره لم تنم

و أمواجه أخلدت للسكون … فمات على ضفتيه النغم

و كانت تغني بحجر النسيم … إذا لفها موهنا و استجم

أحزنا على ما أصاب القطيع … رفيق هواها عراها السقم

و مالك لا تملأين المروج ابتساما … فإن الربيع ابتسم

و فوق الثرى ذاب قوس السحاب … فبادت على جانبيه الظلم

رياض كما يشتهي العاشقون … و ما صور الفن منذ القدم

و نور سها شفاه الزهور … و نهر عليه الذهول ارتسم

أحزنا على ما أصاب القطيع … أليف الروابي اعتراك الألم

سأبكي وقد كنت تستضحكين … إذا الدمع من ناظري انسجم