ربة الدولة والجاه المكين – جبران خليل جبران
ربة الدولة والجاه المكين … عدت يحدو ركبك الروح الأمين
عدت في منشأة معتزة … بك والبحر ذلول مستكين
يتلقاها برفق صدره … ويحيي عن شمال ويمين
قلدت ما قلدت من شرف … ولها أعلى لواء في السفين
بسم الثغر وقد أرست به … غدوة عن عجب للناظرين
فمن الأفقين في آن بدت … آيتا الإحسان والحسن المبين
بزغت شمس الضحى من سترها … وهلال العيد من أنقى جبين
مرحبا بالفضل والنبل معا … طلعا باليمن للمرتقبين
هذه جنات مصر أبرزت … لك من زينتها ما تشهدين
لبست سندسها الأرض لمن … ألبستها الفخر بين الأرضين
آتت الأشجار ما استنبتها … برها من أكل للآكلين
شدت الطيار تتلو حمدها … بعد حم الله رب العالمين
حبذا تغريدها في جذل … بعد شجو رددته وأنين
إن آمال بلاد ومنى … أمة موحية ما تسمعين
ليس فيه من مداجاة وهل … يصدق الإنشاد والقلب يمين
فاض مجى النبل منينبوعه … باسطا أذرعه للمستقين
يحمل الخصب وما عنصره … غير ما يهدي من الكنز الثمين
أرخص العسجد حتى إنه … جاز في المألوف أن يسمى بطين
فهو فوق الترب تبر ذائب … وهو للوراد سلسال معين
عودك المحمود عيد للحمى … ولهليه على مر السنين
لو تسنى في مكان واحد … جمعهم الفيتهم مجتمعين
ذلك الود قديم زاده … كل يوم سبب منك متين
مكرمات ألفت بينهم … إني روا في غيرها مختلفين
كيف لا يصفيك ودا معشر … لك بالشكر على الدهر مدين
زدته برا بأن كنت له … نعمة القدوة في دنيا ودين
لا كبا جدك من سيدة … فضلها يشمله في كل حين
لو عددنا فيه من أسعدته … لعددناهم ألوفا ومئين
تخطيء الحصر أياد لم تدع … موضعا للحزن في قلب حين
زارت الدهماء في أخصاها … واستزارتها قصور المالكين
كم بنت مأوى وشادت ملجأ … للأيامى واليتامى البائسين
واقامت دار علم نشأت … خير جيل من بنات وبنين
يا لها من مأثرات كلها … خالد في ذكريات الذاكرين
دمت لفحسان ما طال المدى … وأعز الله أم المحسنين